انقلاب عثمانی

جرجی زیدان d. 1331 AH
117

انقلاب عثمانی

الانقلاب العثماني

ژانرها

قال: «تعقلي يا شيرين كعهدي بك لأقص عليك خبره.» فتطاولت بعنقها نحوه، وحدثتها نفسها بسوء أصاب حبيبها، وعلمت أن هذا الطبيب جاسوس الأحرار في يلدز، ولم تتمالك أن أعادت السؤال وألحت في طلب الجواب فأجابها: «علمت منذ بضعة أيام أن رامزا أتى يلدز وأنه مقيم بقصر مالطة، فجعلت أترقب الفرص للذهاب إليه لعلي أستطيع إنقاذه، فلم أستطع ذلك إلا مساء أمس بحيلة احتلتها فلم أجده هناك.»

فاقشعر بدنها وقالت: «أين ذهب؟!»

قال: «لا أدري.»

قالت: «بل أنت تدري، قل ... هل قتلوه؟!»

فأشار إليها أن تخفض صوتها، وقال: «لا أعلم أين هو، ولا ما فعلوا به، ولم أجد أحدا من أهل يلدز يعرف خبره، والذي عرفته بعد البحث الدقيق أنه خرج من ذلك القصر في أواسط الليل منذ يومين بدعوة من القصر ولم يرجع.» وهز رأسه أسفا.

فتحققت شيرين أنهم قتلوه خلسة كما قتلوا مئات قبله إما خنقا أو غرقا أو تسميما، ووثبت من السرير على رغم إرادتها وهي تقول: «قتلوه يا دكتور؟! قتلوه! أظنه ذهب طعاما للأسماك !» ولطمت وجهها وبكت.

فأمسكها وأجلسها وقال لها: «تجلدي يا شيرين، ولا تفعلي ما يعود بالخطر علينا جميعا.»

فصاحت: «أما أنا فلا أبالي ما يصيبني بعد رامز، ولكنني أخاف عليك فإنك ذو نفع للأحرار.»

فقال: «وأنت أنفع مني لهم، هدئي روعك. وإذا فرضنا أن أخانا أصيب بسوء في سبيل الحرية والدستور فهنيئا له أن اسمه سيخلد في بطون التاريخ. ويا حبذا يوم أنال شهادتي في هذا السبيل!»

فأطرقت شيرين وقد رجع إليها رشدها، وأخذت تغالب عواطفها، ومع تفانيها في سبيل الدستور والحرية فإن حبها رامزا غلب على كل ذلك فلم تسمح نفسها بأن يكون ضحية الدستور، لأن المحب لا يرضى أن ينال الدنيا كلها فداء لحبيبه، لكنها ظلت ساكتة ودموعها تتساقط على خديها، فعاد الدكتور إلى الكلام فقال: «على أننا لم نتحقق مصير رامز، وقد يكون أقرب إلى الحياة منا، خففي عنك واصبري، إن الله مع الصابرين.»

صفحه نامشخص