سفيان ومن معه خائفين، فانصرف ﷺ إلى المدينة بعد ثلاث.

ثم كانت سرية أبي سليمة بن عبد الأسد إلى قطن: وهو جبل بناحية فيد به ماء لبني أسد بن خزيمة بنجد، وذلك في المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرا:

دعاه رسول اللَّه ﷺ لهلال المحرم واستعمله على خمسين ومائة رجل، وعقد له لواء، وأمره أن يرد أرض [(١)] بني أسد، وأن يغير عليهم قبل أن تلاقي عليه جموعهم، وأوصاه ومن معه بتقوى اللَّه، فسار. وكان الّذي هيّج هذا أن رجلا من طيِّئ- يقال له الوليد بن زهير بن طريف- قدم المدينة، وأخبر أن طليحة وسلمة ابني [(٢)] خويلد تركهما قد سارا- في قومهما ومن أطاعهما- لحرب رسول اللَّه، فلما بلغ رسول اللَّه ﷺ ذلك، بعث أبا سلمة. وخرج الطائي معه دليلا ونكّب بهم عن الطريق، وسار بهم ليلا ونهارا حتى انتهوا بعد أربع إلى قطن، فوجدوا سرحا فأخذوه وثلاثة رعاء مماليك، ونذر بهم [(٣)] القوم فتفرقوا في كل وجه، وورد أبو سلمة الماء وقد تفرقوا عنه، فبعث في طلب النّعم والشاء فأصابوا منها ولم يلقوا أحدا، فانحدروا إلى المدينة. وأعطى أبو سلمة الطائيّ الّذي دلهم رضاه من المغنم، ثم أخرج صفيا لرسول اللَّه ﷺ عبدا، ثم أخرج الخمس، وقسم ما بقي بين أصحابه فأقبلوا بها إلى المدينة. ويقال: كان بين المسلمين وبين القوم قتال قتل فيه رجل من المشركين، واستشهد مسعود بن عروة.

ثم كانت غزوة بئر معونة- وهي ماء لبني عامر بن صعصعة [(٤)]، وقيل:

قرب حرة بني سليم- في صفر على رأس ستة وثلاثين شهرا. وسببها أن عامر ابن مالك بن جعفر بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة- أبا براء ملاعب، الأسنّة

قدم على رسول اللَّه ﷺ وأهدى له فرسين وراحلتين، فقال: لا أقبل

[()] وردت الآيتان بالترتيب الطبيعي لهما.

[(١)] في (خ) «أن برد الأرض» .

[(٢)] في (خ) «بنى» .

[(٣)] نذر بالشيء نذرا: علمه فحذره (المعجم الوسيط) ج ١ ص ٩١٢.

[(٤)] راجع (معجم البلدان) ج ١ ص ٣٠٢.