. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
_________
= أنزل القرآن عليها لا تتضمن تناقض المعنى وتضاده، بل قد يكون معناها متفقًا أو متقاربًا.
وقد يكون معنى أحدهما ليس هو معنى الآخر، لكن كلا المعنيين حق، وهذا اختلاف تنوع وتغاير لا اختلاف تضاد وتناقض .. وهذا كما في القراءات المشهورة: ﴿ربنا باعِد وباعَد﴾، ﴿إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا﴾، و﴿إِلَّا أَنْ يُخَافَا أَلَّا يُقِيمَا﴾، ﴿وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال * وليزول منه الجبال﴾، و﴿بل عجبتَ * وبل عجبتُ﴾ ونحو ذلك ..
ومن القراءات ما يكون المعنى فيها متفقًا من وجه متباينًا من وجه آخر، كقوله: ﴿يخدعون ويخادعون﴾ و﴿يكذِبون ويكذِّبون﴾ و﴿لمستم ولامستم﴾ و﴿حتى يطْهُرْن ويطَّهرَن﴾ ونحو ذلك، فهذه القراءات التي يتغاير فيها المعنى كلها حق، وكل قراءة منها مع القراءة الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها .. وأما ما اتحد لفظه ومعناه، وإنما يتنوع صفة النطق به كالهمزات، والمدات، والإمالات، ونقل الحركات، والإظهار، والإدغام، والاختلاس، وترقيق اللامات والراءات، أو تغليظها ونحو ذلك مما يسمى القراء عامته الأصول، فهذا أظهر وأبين في أنه ليس فيه تناقض ولا تضاد مما تنوع فيه اللفظ والمعنى، إذ هذه الصفات المتنوعة في أداه اللفظ لا تخرجه عن أن يكون لفظًا واحدًا.
ولهذا دخل في معنى قوله: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" تعليم حروفه ومعانيه جميعًا، بل تعلم معانيه هو المقصود الأول بتعليم حروفه، وذلك هو الذي يزيد الإيمان ".
ولشيخ الإسلام أيضًا في مجموع الفتاوى (١٦/ ٢٢٢ - ٢٢٥) كلام عن مخارج الحروف وصفاتها يدل على دراية وعلم كبيرين بالتجويد والقراءات.
وجد شيخ الإسلام المجد ابن تيمية ﵀ كان من أئمة القراءات، وله اليد الطولى فيها كما قال الحافظ الذهبي في كتابه "معرفة القراء الكبار على الطبقات والأعصار" (٢/ ٦٥٤)، وقد ورد في ترجمته في السير (٢٣/ ٢٩٢) أنه كان على دراية تامة بعلم القراءات، وأنه صنف فيها أرجوزة؛ ومن المؤكد أن حفيده شيخ الإسلام قد سمع بذلك، أو اطلع عليها، ومما يقوي ذلك أن شيخ الإسلام ﵀ في مجموع الفتاوى (١٣/ ٣٩٨) حين تكلم عن حكم القراءة بالقراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني مثل قراءة ابن مسعود الثابتة، وذكر قولين في المسألة، وهما القول بالجواز، والقول بالمنع، ذكر قولًا ثالثًا قال فيه: "ولهذا كان في المسألة قول ثالث، وهو اختيار جدي أبي البركات، أنه إن قرأ بهذه القراءات في القراءة الواجبة -وهي الفاتحة عند القدرة عليها- لم تصح صلاته، لأنه لم يتيقن أنه أدى الواجب من القراءة، لعدم ثبوت القرآن بذلك، وإن =
1 / 31