امامت و سیاست
الامامة والسياسة
قعد طاووس سكت طويلا. ثم قال: ما أول شيء خلق!فقلنا: لا ندري. فقال أول شيء خلق: القلم. ثم قال: أتدرون ما أول شيء كتب؟قلنا: لا، قال:
فإن أول ما كتب بسم الله الرحمن الرحيم، ثم كتب القدر خيره وشره إلى يوم القيامة. ثم قال: أتعلمون من أبغض الخلق إلى الله؟قلنا: لا، فقال: إن أبغض الخلق إلى الله تعالى عبد أشركه الله في سلطانه، فعمل فيه بمعاصيه، ثم نهض. قال رجاء: فأظلم علي البيت، فما زلت خائفا عليه حتى توارى، فرأيت سليمان يحك رأسه بيده، حتى خشيت أن تجرح أظفاره لحم رأسه.
ما قال أبو حازم[ (1) ]لسليمان
قالوا: وإن يحيى بن المغيرة أخبرهم عن عبد الجبار بن عبد العزيز بن أبي حازم، قال: لما حج سليمان، ودخل المدينة زائرا لقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه ابن شهاب الزهري ورجاء بن حيوة، فأقام بها ثلاثة أيام، فقال: أما هاهنا رجل ممن أدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقيل له: بلىهاهنا رجل يقال له أبو حازم، فبعث إليه، فجاءه، وهو أقور[ (2) ] أعرج، فدخل عليه، فوقف منتظرا للإذن. فلما طال عليه الإذن: وضع عصيته ثم جلس. فلما نظر إليه سليمان: ازدرته عينه. فقال له: يا أبا حازم. ما هذا الجفاء الذي ظهر منك، وأنت توصف برؤية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع فضل ودين تذكر به؟فقال أبو حازم: وأي جفاء رأيت مني يا أمير المؤمنين؟فقال سليمان: إنه أتاني وجوه أهل المدينة وعلماؤها وخيارها، وأنت معدود فيهم ولم تأتني. فقال أبو حازم: أعيذك بالله أن تقول ما لم يكن، ما جرى بيني وبينك معرفة آتيك عليها. قال سليمان: صدق الشيخ، فقال: يا أبا حازم: ما لنا نكره الموت؟فقال أبو حازم: لأنكم أخربتم آخرتكم، وعمرتم دنياكم، فأنتم تكرهون النقلة من العمران إلى الخراب. قال سليمان: صدقت يا أبا حازم. فكيف القدوم على الآخرة؟[ (3) ]قال: نعم، أما المحسن[ (4) ]فإنه يقدم [ (1) ]هو سلمة بن دينار المخزومي، أبو حازم الأعرج عالم المدينة وقاضيها، كان عابدا زاهدا.
[ (2) ]أقور: أي أعور.
[ (3) ]في مروج الذهب 3/217: على الله.
[ (4) ]العبارة في مروج الذهب: فكالغائب يأتي أهله مسرورا.
صفحه ۱۲۱