وقوله: على ما صرح به أصحاب النقل؛ كلام لا يصدر إلا من مبتلى بالصرع والخلل؛ وذلك لأن الذي ذكروا أنه لم يثبت عندهم هو روية أبي حنيفة جمعا من الصحابة، وروايته عنهم، وهو غير قادح في المقام وإثبات المرام على أن عدم ثبوت الرؤية عندهم أمر آخر، وعدم ثبوت رواية دالة عليها عندهم أمر آخر، فإن عدم ثبوت الرواية عندهم إنما يكون إذا وصلت إليهم، وحكموا بضعفها وعدم اعتبارها، وعدم ثبوت الرؤية يكون بعدم وصول روايتها إليهم أيضا، فمن ذا الذي ذكر أن الرواية الناصة على الرواية المخرجة في ((الطبقات)) غير ثابتة عند أهل النقل الأثبات، وإنما ذكروا أن الرواية لم يثبت عند أهل النقل الثقات، فهذا لا يستلزم عدم ثبوت تلك الرواية أو ضعفها عندهم؛ لاحتمال أنها لم تصل إليهم، ولم تقرع سمعهم.
وقوله: فأين المساواة من الخرافات؛ فإن النافي لا شك في أنه اعتمد على الأمر الظاهري، وتمسك بالعدم الأصلي، فحكم بأنه ليس بتابعي، وأنه لم ير الصحابي، كما أنه لم يره أحد من المعاصرين لأبي حنيفة سيد الأئمة الراشدين، ولم يثبت بعد الفحص الوافر، والفكر الغائر، أنه اعتمد في نفيه على دليل خفي أو ظاهر، والمثبت لا يشك أحد في أنه لم يجازف في قوله، بل اعتمد على دليل واستند، فلا بد أن يرجح خبر المثبت على قول النافي، ويقر برؤية الصحابي، ومن لا يقر بعد هذا التنقيح والتوضيح، فليبك على نفسه إلى أن يستقر برمثه.
وقوله: كلية، أو جزئية... الخ؛ جوابه أنها كلية في صورة مر ذكرها، وما نحن فيه مندرج تحتها، فلا شبهة في انتاجها))(1).
صفحه ۷۶