امام ابو حنیفه، طبقتش و توثیقش
الإمام أبو حنيفة طبقته وتوثيقه
ژانرها
ورابعا:))(1) إن الأمور التاريخية المندرجة في الكتب التاريخية، لا بد أن توزن بميزان العقول، ولا يسرع في الرد والقبول، فلا يؤمن بكل ما في دفاتر المؤرخين، وزبر الناقلين من غير تأمل وتفكر، وتذكر وتبصر، إلا الجهول الغفول المشبه بمن ليس من ذوي العقول، ومن ليس له تعلق بالمعقول والمنقول، ومن ليس له إدراك الحاصل والمحصول.
وقد نبه على ذلك ابن خلدون صاحب تلك الهفوة بنفسه في مواضع من ((المقدمة)) فقال: ((الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرد النقل، ولم تحكم أصول العادة، وقواعد السياسة، وطبيعة العمران والأحوال في الاجتماع الإنساني، ولا قيس الغائب منها بالشاهد، والحاضر بالذاهب، فربما لم يؤمن فيها من العثور، ومزلة القدم والحيد عن جادة الصدق، وكثيرا ما وقع للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل المغالط في الحكايات والوقائع؛ لاعتمادهم فيها على مجرد النقل غثا أو سمينا لم يعرضوها على أصولها، ولا قاسوها بأشباهها، ولا سبروها بمعيار الحكمة، والوقوف على طبائع الكائنات، وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار، فضلوا عن الحق، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط، سيما في احصاء الأعداد من الأموال والعساكر إذا عرضت في الحكايات، إذ هي مظنة الكذب، ومطية الهذر، ولا بد من عرضها على الأصول، وعرضها على القواعد. انتهى كلامه(2) ))(3).
صفحه ۱۴۳