فمن ذا ينال معرفتنا أو يعرف درجتنا ويشهد كرامتنا أو يدرك منزلتنا، حارت الألباب والعقول وتاهت الأفهام فيما أقول، تصاغرت العظماء وتفاخرت العلماء وكلت الشعراء وخرست البلغاء ولكنت الخطباء وعجزت الفصحاء وتواضعت الأرض والسماء عن وصف شأن الأوصياء، وهل يعرف أو يوصف أو يعلم أو يفهم أو يدرك أو يملك من هو شعاع جلال الكبرياء وشرف الأرض والسماء؟ جل مقام آل محمد عن وصف الواصفين ونعت الناعتين، وأنى يقاس بهم أحد من العالمين، كيف وهم الكلمة العليا والتسمية البيضاء والوحدانية الكبرى التي أعرض عنها من أدبر وتولى وحجاب الله الأعظم الأعلى، فأين الاختيار من هذا؟ وأين العقول من هذا؟ ومن ذا عرف أو وصف من وصفت؟ ظنوا أن ذلك في غير آل محمد، كذبوا وزلت أقدامهم، اتخذوا العجل ربا والشياطين حزبا وكل ذلك بغضة لبيت الصفوة ودار العصمة وحسدا لمعدن الرسالة والحكمة، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فتبا لهم وسحقا، كيف اختاروا إماما جاهلا عابد الأصنام، جبانا يوم الزحام، والإمام يجب أن يكون عالما لا يجهل وشجاعا لا ينكل لا يعلو عليه حسب ولا يدانيه نسب، فهو في الذروة من قريش والشرف من هاشم والبقية من إبراهيم والمتمتح من النبع الكريم، والنفس من الرسول والرضا من الله والقول عن الله، فهو شرف الأشراف والفرع من عبد مناف، عالم بالسياسة قائم بالرياسة مفترض الطاعة إلى يوم الساعة، أودع الله قلبه سره وأطلق به لسانه فهو معصوم موفق ليس بجبان ولا جاهل فتركوه يا طارق واتبعوا أهواءهم ومن أضل ممن أتبع هواه بغير هدى من الله، والإمام يا طارق بشر ملكي وجسد سماوي وأمر إلهي وروح قدسي ومقام علي ونور جلي وسر خفي، فهو ملكي الذات إلهي الصفات زائد الحسنات عالم بالمغيبات مدحضا من رب العالمين ونصا من الصادق الأمين جبرئيل، وهذا كله لآل محمد لا يشاركهم فيه مشارك، لأنهم معدن النزيل (1) ومعنى التأويل وخاصة الرب الجليل ومهبط الأمين جبرئيل، صفوة الله وسره وكلمته، شجرة النبوة ومعدن الصفوة، عين المقالة ومنتهى الدلالة ومحكم الرسالة ونور الجلالة وجنب الله ووديعته وموضع خلفاء النبي الكريم وأبناء الرؤوف الرحيم وأمناء العلي العظيم، * (ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) * (2) السنام الأعظم والطريق الأقوم من عرفهم وأخذ عنهم فهو منهم، وإليه الإشارة
صفحه ۲۹