237

موفقا لا يثبت عليه إلا مؤمن قد أخذ الله ميثاقه في الذر الأول. فهل يدل هذا إلا على أن الناس يستبعدون مدة العمر ، ويستطيلون المدى في ظهوره وينكرون تأخره وييأسون منه ، فيطيرون يمينا وشمالا كما قالوا : تتفرق بهم المذاهب وتنشعب لهم طرق الفتن ، ويغترون بلمع السراب من كلام المفتونين ، فإذا ظهر بعد السن الذي يوجب مثلها فيمن بلغه الشيخوخة والكبر وحنو الظهر وضعف القوى ، شابا موفقا أنكره من كان في قلبه مرض وثبت عليه من سبقت له من الله الحسنى ، بما وفقه الله إليه وقدمه إليه من العلم بحاله وأوصله إلى هذه الروايات من قول الصادقين عليهم السلام فصدقها وعمل بها ، وتقدم علمه بما يأتي من أمر الله وتدبيره فارتقبه غير شاك ولا مرتاب ولا متحير ولا مغتر بزخارف إبليس وأشياعه؟

والحمد لله الذي جعلنا ممن أحسن إليه وأنعم عليه ، وأوصله من العلم إلى ما لا يوصل إليه غيره إيجابا للمنة واختصاصا بالموهبة ، حمدا يكون لنعمه كفاء ولحقه أداء (1).

وفي البحار عن محمد بن الحنفية في حديث : إن لبني فلان ملكا مؤجلا حتى إذا أمنوا واطمأنوا ، وظنوا أن ملكهم لا يزول صيح فيهم صيحة فلم يبق لهم راع يجمعهم ولا داع يسمعهم وذلك قول الله عز وجل ( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون ) (2) قلت : جعلت فداك هل لذلك وقت؟ قال : لا ، لأن علم الله غلب علم الموقتين ، إن الله وعد موسى ثلاثين ليلة وأتمها بعشر لم يعلمها موسى ولم يعلمها بنو إسرائيل ، فلما جاز الوقت قالوا : غرنا موسى فعبدوا العجل ، ولكن إذا كثرت الحاجة والفاقة في الناس وأنكر بعضهم بعضا فعند ذلك توقعوا أمر الله صباحا ومساء (3).

وفيه عن مفضل بن عمر عن أبي عبد الله عليه السلام : أما والله ليغيبن إمامكم سنينا من دهركم ، وليمحصن حتى يقال : مات أو قتل وهلك ، بأي واد سلك؟ ولتدمعن عليه عيون المؤمنين ولتكفأن كما تكفأ السفن في أمواج البحر ، فلا ينجو إلا من أخذ الله ميثاقه وكتب في قلبه الإيمان وأيده بروح منه ولترفعن اثنا عشر راية مشتبهة لا يدرى أي من أي. قال : فبكيت ثم

صفحه ۲۴۵