136

يا نور الله ليست جلالتك بديعة ، بل إنما هي قديمة ، وتابعوك تفحصوا عنك في ضيقهم ، وحديثك دينهم وطريقتهم في الشدة ، وسيقولون في رخائهم : إنا كنا في غيبتك كالمرأة الحامل المتحملة لضيق المخاض ووجع الارتياض ، ونقر بسوء أعمالنا وإن بسببه وإدبارنا عن العدل أصابنا ما أصابنا ، ولم ينقطع آثار الجبارين عنا ، فلو أنا سمعنا ما أقرعت أسماعنا من كلام ربنا ووعينا لقطعت عنا أذى الجبارين من قبل ، ولأدركنا زمان الفرج والراحة ، فما جرعناها من أذاهم ليست إلا بما كسبت أيدينا ، فإنا لم نخلص أعمالنا فأخرنا ظهورك ، فنحن السبب في استتارك. إلى قوله في السيمان السابع والعشرون في الباسوق السابع والعشرون في خطاب شعيا لقومه : يا قوم ادخلوا مساكنكم وأغلقوا عليكم أبوابكم مدة انقضاء الغضب ، فإن هذا نور الله سيظهر لديوان العاصين وقلعهم من الأرض رادا عصيانهم إليهم ، وستظهر الأرض حينئذ دماءها وقتلاها وسينتقم يومئذ نور الله منهم ، أي الجبابرة والقتلة بسيفه القوي الشديد ، وفي العبارة : وينتقم من ليوياتان ، وليوياتان يطلق في اصطلاحهم بالعبري تارة على : بالإجماع والاتفاق ، وتارة على : التحالف والتواخي في الخدعة والاحتيال ، مأخوذ من ليوتان وهي الآلة الملتفة طرفاها بها تجذب الأشياء من العالي إلى السافل ، محتوية بالعقد وزيادة الاعوجاج ، والمراد انتقامه من هؤلاء ، إلى قوله : وسيطلب نور الله بستانه وحديقة مهره وصداقه إلى باسوق آخر بعده ، وإني أحافظها وأتعوض بها ما غصبته واجتلبته الليوياتان (1).

** أقول :

وقضية ليوياتان صريح في اتفاقهم وعهدهم ومؤاخاتهم في غصب حقوق آباء الحجة المنتقم عجل الله فرجه ، وطلبه البستان والحديقة في فدك التي غصبها وحازها الليوياتان الآخرين صريح في المقصود ، سيما بعد ضميمة ما يظهر من كلام شعيا في السيمان الثاني والثلاثين (2) من كتاب من أول الباسوق إلى آخره ما خلاصته ومحصله : إنه يقوم في سلطنته بالعدل ، وأبناء السلاطين أقرب من بحضرته ، ويكون يومئذ يوما يكون فيه ذلك الرجل ولعل المراد بالرجل هو الليوياتان كالمنهزم من الطوفان ، ينهزم من مكان إلى مكان مختفيا هاربا من الرعد والبرق وما نزل من الحدثان ، ويكون ذلك السلطان منقذا كالشط الجاري للظامئين في

صفحه ۱۴۴