وترتيب واستخلاص ومقارنة وترجيح وتأسيس. وفي كل هذا فوائده الجمة على مستوى عمل العقل وتنشيط الذاكرة وتطوير التواصل الذهني والحوار الفكري والتثاقف المعرفي مع الفقهاء والعلماء وأصحاب المعرفة وأرباب البحث والاجتهاد.

الفائدة ٨: تمكين غير المختصين في الشريعة من معرفة الفقه وقواعده ومقاصده وأدلته بيسر وسهولة. ومعروف أن هناك الكثير من الفئات الثقافية^(١)، الذين لا يقدرون على فهم الفقه واستيعاب جزئياته وفروعه، وذلك لكثرتها وتكاثرها، ولتعددها وتداخلها، فضلا عن صياغتها اللغوية وتركيبتها الأسلوبية أحيانا، وفضلا أيضا عن اتساع دائرة النشاط الإنساني وضخامة الحوادث المستجدة والمتراكمة، والتي ستؤدي إلى استخراج أحكامها وحلولها الإسلامية، والتي ستزيد في ضخامة الفروع وكثرة المعطيات التي يتعذر الإلمام بها من قبل هذه الفئات والمجموعات.

وعليه فإن إطلاع هذه الفئات والمجموعات على الفقه من خلال قواعده ومقاصده وأصوله يبرز روح الإسلام وجوهره ومعالمه، ويقنع بجدارته وأحقيته في التأطير والتوجيه والإنماء والإعمار، ويزيل الجفوة التي قد تحصل أحيانا بين الفقه وبين تلك الفئات، وذلك بسبب صعوبة التعرف على الفروع الفقهية الكثيرة، ولأن الإنسان عدو ما يجهل كما قيل، وكما يقال.

الفائدة ٩: بناء النهضة الإسلامية العامة، وذلك لأن دراسة القواعد الفقهية لبنة أساسية في البناء العلمي الشرعي، وحلقة ضرورية في منظومة الدين كله، فهذا الدين لا يتحقق وجوده وتفعيله وأثره إلا بتطبيق أحكامه وتأسيس قواعده، والتي منها القواعد الفقهية الخادمة للفقه والمُذَلِّلة لوجوده وإعماله وتجسيده.

وعلى هذا فإن ممارسة القواعد الفقهية (تنظيرا أو تنزيلا) هو تأسيس لركن لا يقوم البناء الإسلامي العام إلا به، وتعميق لحقيقةٍ شرعيةٍ لا تستقيم النهضة الإسلامية إلا بها. وعلى سبيل المثال، فإن دراسة القواعد الفقهية المالية والاقتصادية سيسهم في تطوير الاقتصاد الإسلامي وتقدمه ونهوضه، وهذا التقدم