Milton ، ولكنهما ليستا من النوع الذي نعنيه هنا؛ إذ حدثتا في وقت متأخر. كذلك في بلاد الإغريق، نجد أول شاعر ذي شعر خالد، وهو هوميروس
Homer . ومن الجلي أن عدة شعراء آخرين سبقوا هوميروس. وقد كانت أشعار الأخير بالغة الروعة والعظمة لدرجة جعلتها لا يمكن أن تنشأ من لا شيء. ولذلك، كان من المؤكد قطعا أنه لا بد أن تقدم هوميروس عدة شعراء بالغي القدم (
Saga
أي القصص التاريخية الخيالية).
لا تتناول منظومة هوميروس تاريخ حرب طروادة
Troy ، كما قد نظن، ولكنها تتناول السنة الأخيرة من تلك الحرب، وتتضمن قضية وهدف غضب أخيل
Achiles
جزءا كبيرا من هذه القصيدة البطولية الخالدة، وكان الغرض من الحرب ضد طروادة التي استمرت عشر سنوات تقريبا، كما قد نظن، هو تحرير بلاد الإغريق من طروادة، التي اعتادت أن تفرض الضرائب على السفن التي كانت تمخر عباب اليم هناك قرب الساحل الشمالي لآسيا الصغرى. •••
كان هوميروس هو الشاعر الإغريقي الذي تحمل اسمه ملحمتان من أقدم الملاحم وأضخمها في تاريخ الأدب الإغريقي، وهما الإلياذة والأوديسة. أما فيما يختص بهذا الشاعر من حيث شخصيته وبلده، فليس لدينا معلومات موثوق بها. وحتى وجوده الشخصي محل نزاع. وكثيرا ما حاول المختصون البرهنة، من معاني اسمه، على أنه لم يكن فردا، بل نموذجا، فاستقر الرأي على أن معنى اسمه، إما «المنظم» وإما «الرفيق». وفي الحالة الأولى يدل الاسم على أنه الممثل النموذجي لشعر البطولة والملحمة في صورتها الموحدة والمتكاملة فنيا، بينما يوحي المعنى الثاني على أنه سلف نموذجي وإمام طائفة فذة من الشعراء المنشدين. غير أنه لما كان هوميروس علما، ويعني ببساطة «وديعة» بغير ما صلة بالشعر. فلا شيء في الاسم نفسه يوجب الشك في وجود هوميروس كشخصية تاريخية. وقد تنازعت سبعة أماكن، في العصر القديم، لتكون مسقط رأسه: أزمير، ورودس، وتولوفون، وسالاميس (في قبرص)، وخيوس، وأرجوس، وأثينا، ولكن ليس هناك أي شك في أن الملاحم الهومرية نشأت على الساحل الغربي لآسيا الصغرى. والتقاليد القديمة صحيحة في تحديد مسقط رأسه بمدينة أزمير الأيولية، وتحديد المكان الذي نظم فيه الشعر بمدينة خيوس. ومما يتفق مع هذا، اختلاط اللهجة الأيونية بشيء من الأيولية فيتكون منهما صورة هي أساس الأشعار الهومرية، وكذلك أنه كان في خيوس أسرة تسمى الهوميريداي ظلت عدة قرون تدعي نسبها إليه، وشغل أفرادها أنفسهم بتلاوة أشعاره.
أما عن الوقت الذي عاش فيه هذا الشاعر، فإن جميع آراء التحقيقات التي تمت على أساس الاعتبارات التاريخية تختلف فيما بينها اختلافا كبيرا. ومع ذلك فيبدو من المؤكد أن المدة التي بلغ فيها شعر البطولة الهوميري درجة الكمال لا تقع قبل سنة 950ق.م. ولا بعد سنة 900 ومن جميع التقاليد الخاصة بهوميروس، نستخلص أن اسم والده هو ميليس
صفحه نامشخص