اکتفا
الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والثلاثة الخلفاء
ویرایشگر
محمد عبد القادر عطا
ناشر
دار الكتب العلمية
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤٢٠ هـ
محل انتشار
بيروت
إليه وما معه روحه، فقال: أعط هذا الرجل حقه. قال: نعم، لا يبرح حتى أخرج إليه حقه. فدخل فخرج إليه بحقه فأعطاه إياه، ثم لم يلبث أبو جهل أن جاء، فقالوا: ويلك! ما لك؟ والله ما رأينا مثل ما صنعت قط، قال: ويحكم! والله ما هو إلا أن ضرب على بابى وسمعت صوته فملئت رعبا، ثم خرجت إليه وإن فوق رأسه لفحلا من الإبل ما رأيت مثل هامته ولا قصرته ولا أنيابه لفحل قط، والله لو أبيت لأكلنى «١» .
وذكر الواقدى عن يزيد بن رومان قال: بينا رسول الله ﷺ جالسا فى المسجد معه رجال من أصحابه أقبل رجل من بنى زبيد يقول: يا معشر قريش، كيف تدخل عليكم المادة أو يجلب إليكم جلب أو يحل تاجر بساحتكم وأنتم تظلمون من دخل عليكم فى حرمكم. يقف على الحلق حلقة حلقة.
حتى انتهى إلى رسول الله ﷺ فى أصحابه، فقال له رسول الله ﷺ: ومن ظلمك؟
فذكر أنه قدم بثلاثة أجمال كانت خيرة إبله، فسامه أبو جهل ثلث أثمانها ثم لم يسمه بها لأجله سائم، قال: فأكسد على سلعتى وظلمنى. قال رسول الله ﷺ: «وأين أجمالك؟» قال: هى هذه بالحزورة. فقام رسول الله ﷺ معه وقام أصحابه، فنظر إلى الجمال فرأى جمالا فرها. فساوم الزبيدى حتى ألحقه برضاه، فأخذها رسول الله ﷺ فباع جملين منها بالثمن، وأفضل بعيرا باعه وأعطى أرامل بنى عبد المطلب ثمنه، وأبو جهل جالس فى ناحية من السوق لا يتكلم. ثم أقبل إليه رسول الله ﷺ فقال: «يا عمرو، إياك أن تعود لمثل ما صنعت بهذا الأعرابى فترى منى ما تكره» . فجعل يقول: لا أعود يا محمد، لا أعود يا محمد، فانصرف رسول الله ﷺ، وأقبل عليه أمية بن خلف ومن حضر من القوم، فقالوا: ذللت فى يدى محمد، فإما أن تكون تريد أن تتبعه وإما رعب دخلك منه. قال: لا أتبعه أبدا، إن الذى رأيتم منى لما رأيت معه، لقد رأيت رجالا عن يمينه وشماله معهم رماح يشرعونها إلى، لو خالفته لكانت إياها. أى لأتوا على نفسى.
وذكر محمد بن إسحاق «٢» عن أبيه قال: كان ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب أشد قريش، فخلا يوما برسول الله ﷺ فى بعض شعاب مكة، فقال له: يا ركانة، ألا تتقى الله وتقبل ما أدعوك إليه؟! قال: لو أعلم أن الذى تقول حق لا تبعتك.
فقال رسول الله ﷺ: أفرأيت إن صرعتك أتعلم أن ما أقول حق؟ قال: نعم. قال: فقم
(١) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية (٣/ ٩٤- ٩٥) .
(٢) انظر: السيرة (١/ ٣١٩- ٣٢٠) .
1 / 230