اکمال معلم با فواید مسلم
شرح صحيح مسلم للقاضى عياض المسمى إكمال المعلم بفوائد مسلم
ویرایشگر
الدكتور يحْيَى إِسْمَاعِيل
ناشر
دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٩ هـ - ١٩٩٨ م
محل انتشار
مصر
ژانرها
إِنِ اسْتَطَعْتَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ". قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَعَجِبْنَا لَهُ، يَسْأَلُهُ وَيُصَدِّقُهُ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَنِ الإِيمَانِ؟ قَالَ: " أَنْ تُؤمِنَ بِاللهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَرُسُلِهِ، وَالْيوْمِ الآخِرِ، وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ: صَدَقْتَ. قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَن الإِحْسَانِ؟ قَالَ: " أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ، فَإِنَّهُ يَرَاكَ ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَن السَّاعَةِ؟ قَالَ: " مَا الْمَسْؤُولُ عَنْهَا بِأَعْلَمَ مِنَ السَّائِلِ ". قَالَ: فَأَخْبِرْنِى عَنْ أَمَارَتِهَا؟ قَالَ: " أَنْ تَلِدَ
ــ
﴿الْمُسْلِمِين﴾ (١). وذلك أن الإيمان إذا كان بمعنى التصديق، والإسلام بمعنى الاستسلام، صح أن يكون الإسلام بالجوارح وأعمال الطاعات إيمانًا وتصديقًا، وصح أن يكون الإقرار باللسان عن تصديق القلب استسلامًا، فأطلق اسم كل واحد منهما على الآخر، بخلاف إذا اختلفا ففارق الباطن الظاهر، والنطقُ والعملُ العقدَ والنية، فيسمى الظاهر إسلامًا، ولا يسمى إيمانًا، كما قال تعالى: ﴿قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ (٢).
وقوله: " ما الإحسان " وفسَّره فى الحديث بما معناه الإخلاص ومراقبة الله فى السر والإعلان (٣).
وهذا الحديث قد اشتمل على شرح جميع وظائف العبادات الظاهرة والباطنة، من عقود الإيمان، وأعمال الجوارح، وإخلاص السرائر، والتحفظ من آفات الأعمال، حتى إن علوم
(١) الذاريات: ٣٥، ٣٦.
(٢) الحجرات: ١٤.
قال الأبى: جعله الإيمان اسمًا للتصديق والنطق، قيل: إنه انتزعه من الجمع بين حديث جبريل ﵇ وحديث الوفد؛ لأنه فى حديث الوفد فسَّر الإيمان بما فسَّر به الإسلام هنا، فاقتضى الجمع بينها أن جعل الإسلام اسمًا للأمرين، وبأنه اسم لهما أخذ ابن العربى.
قال: وقال أكثر السلف: إنه اسم للتصديق والعمل كله. وقال أكثر المتكلمين: إنه اسم للتصديق فقط، فالأقوال ثلاثة. وأنت إذا نظرت لا تجد بينها اختلافًا، فإن السلف لا يعنون بأنه التصديق والعمل أن العمل جزء منه، بحيث ينعدم الإيمان لانعدامه كما هو شأن كل جزء، لإجماعهم على أن العاصى بترك بعض الوجبات هو مؤمن، فلم تبق إضافة العمل إليه إلا أنها إضافة كمال، وكذا يقول المتكلمون: إن اكمل التصديق ما صحبه العمل.
والقول بأنه التصديق والنطق، إن صح أن التصديق وحده ليس بإيمان، فما ذلك إلا لأن النطق فى الإيمان لا أنه جزء منه، فليس الإيمان عند الجميع إلا التصديق. إكمال الإكمال ١/ ٦٥.
(٣) وقيل فى الإحسان أيضًا: إنه يعنى إجادة العمل، من أحسن فى كذا إذا أجاد فعله، قال الأبى: وهو بهذا التفسير أخَصُّ من الأول، ثم هو سؤالٌ عن الحقيقة ليعلمها الحاضرون كالذى قبله؛ إذا السؤال بـ (ما) بحسب الخصوصية إنما يكون عن حقيقة لا عن الحكم، وتفسيره فى الحديث الإحسان بذلك هو من تفسير الشىء بسببه توسعًا. إكمال الإكمال ١/ ٦٨.
1 / 204