فأولد العياش عبد الله والفضل أبا العياش وكانا شريفين نبيهين، وكان الفضل شاعرًا وعبد العزيز وكان فارس العرب وكان له بلاء عظيم في قتال الضحاك الحروري، وأقرت فرسان العراق والشام يومئذ له إنه فارسهم. وكان فارس من فرسان الضحاك وهو يقاتل أهل الشام وأهل العراق لا ينثني حتى يضرب ويطعن ويدعو إلى المبارزة فلم يبرز إليه أحد إلا قتله حتى تحامته الفرسان فمكث ثلاثًا يدعو الناس إلى البراز. فلا يخرج إليه أحد، فحمل عليه في اليوم الرابع عبد العزيز بن عياش فطعنه فدق صلبه وأذراه عن فرسه فصاح: يا أمة! فإذا هي جارية. وكانت نساء الخوارج أنجد في القتال من رجالهم. وكان عبد الله ويعرف بالمنتوف أحد العلماء بأيام الناس، وكان أحد مسامري المنصور وثاقته، ويقال إنه ما أعاد عليه حديثًا عشر سنين. وهو الذي درأ بادرته عن أهل البصرة يوم أراد أن يغرقهم لقيامهم مع إبراهيم بن عبد الله وشفع فيهم فقال: يا أمير المؤمنين ملك سليمان فشكر، وابتلي أيوب فصبر، وظُلم يوسف فقدر فغفر. فأطرق أبو جعفر مليًا ثم قال: يا ابن عياش، فإنا قد شكرنا وصبرنا وغفرنا، وتركنا ما كنا هممنا به في أهل البصرة. وكان الناس يقولون: ما على الأرض بصري إلا ولابن عياش عليه منة. وكان ذلك بعد ظفر المنصور بإبراهيم بن عبد الله العلوي الخارج بها. وخرج مرة، أبو جعفر ليصلي بالناس العصر وكان ذلك في الصيف في سراويل ورداء فقال له الربيع: يا أمير المؤمنين تخرج على الناس في هذا اللباس! فقال له أبو جعفر: ويحك أبقي أحد يستحيا منه؟ ثم رمى ببصره في الحجرة فإذا هو بعبد الله بن عياش فقال: يا ربيع إنما بقي من الناس هذا الشيخ، فإذا مات فقد مات الناس. وكان مروان بن محمد يقول: لا أزال أرى لرجال الشام فضلًا على رجال العراق حتى يدخل عليّ ابن عياش عبد الله والفضل. وكان الفضل قد ولى فارس ليزيد بن عمر بن هبيرة وافتض سيراف وكان بها كردي قد غلب عليها فقتله ثم ولى بعد ذلك الجبل وحلوان وكان له في ذلك خبر.
ومن آل عبيد بن الحارث عباد بن عاصم كاسي الخوان، وكان من الأجواد، وكان هو وأهل بيته قاطنين بمكة، وكانت له دار السلطان على الباب الأعظم فكانت مرهبة تقول: لنا دار لا يجوز لمسلم حج حتى يمر ببابها، لأنها على المسعى، فاغتصبهم عليها أبو جعفر المنصور بيعًا، وقد تزوّجوا في قريش وزوجوا فيها.
ومن بني معاوية بن سيف بن الحارث بن مرهبة أنس بن معقل، وكان دميمًا قصيرًا، وكان من فرسان العرب المعدودين، فلما قدم الحجاج وضع الديوان وعرض الناس فمن رأى أن يزيده في عطائه زاده، ومن رأى أن ينقصه نقصه، وبذلك أمره عبد الملك. فمر به أنس فازدراه، فحطه من عطائه ألفًا وكان في ألفين فما خرج عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ترك أنس ديوانه ولحق بعبد الرحمن فلما كان يوم دير الجماجم جعل أنس يدعو الناس إلى المبارزة فلا يبرز له فارس من أصحاب الحجاج إلا قتله، وجعل يحمل وهو رافع صوته ينتمي ويقول. أنا الغلام الهمداني، أنا الغلام المرهبي، ينتمي يرفع صوته ليسمع الحجاج، وكان الحجاج يسمعه فملأه غيظًا، وجعل لا يقلع من الصياح وقتل الفرسان، فلما بلغ بالحجاج كل مبلغ قال: ويحك يا عياش يريد عياش بن أبي خيثمة من ذا الذي قد بلغ منذ اليوم ما أرى؟ قال: هذا الذي نقصته من عطائه ألفًا. قال الحجاج: أمير المؤمنين كان أعلم به منا، فهل فيه مطمع؟ قال عياش: لو طمعت فيه لوجهت إليه وأعلمته رغبتك فيه.
وولد نهد بن مرهبة بدّاء وصعبًا، فولد بداء نصبًا، فولد نصب رباءة عمرًا الشاعر جاهلي، وهو القائل:
فلم تغلب أسنّتنا زبيد ... ولم تعجز مناصلنا مراد
متى تنقل إلى قوم رحانا ... فقد درجوا مدارج آل عاد
وولد صعب بن نهد الجابر ومزينة وسيفًا وملاينًا بطن وهم الملاينون فولد الجابر سليمان وبشرًا. وولد سيف بن صعب الجعد والجدم وهم الأجدام والجعود بطنان. فأولد الجعد آل جديح ومن معهم من أخوتهم. وولد الجدم الشجرات منهم محمد بن سعيد وأولاده أحمد وعبد الله وعبيد وأبو علي وقبرة.
1 / 32