118

اختیار تعلیل مختار

الاختيار لتعليل المختار

ویرایشگر

محمود أبو دقيقة

ناشر

مطبعة الحلبي (وصورتها دار الكتب العلمية - بيروت)

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

۱۳۵۶ ه.ق

محل انتشار

القاهرة

ژانرها

فقه حنفی
ويجوز دفعها إلى من يملك دون النصاب وإن كان صحيحا مكتسبا ولو دفعها إلى من ظنه فقيرا فكان غنيا أو هاشميا أو دفعها في ظلمة فظهر أنه أبوه أو ابنه أجزأه (س) وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ لَمْ يُجْزِهِ، وَيُكْرَهُ نَقْلُهَا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ إِلَّا إِلَى قَرَابَتِهِ أَوْ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ.
ــ
[الاختيار لتعليل المختار]
قَالَ: (وَيَجُوزُ دَفْعُهَا إِلَى مَنْ يَمْلِكُ دُونَ النِّصَابِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا) لِأَنَّهُ فَقِيرٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْغَنِيَّ عَلَى مَرَاتِبَ ثَلَاثَةٍ: غَنِيٌّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ، وَيَحِلُّ لَهُ أَخْذُ الزَّكَاةِ، وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ قُوتَ يَوْمِهِ وَسَتْرَ عَوْرَتِهِ ; وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِيمَنْ كَانَ صَحِيحًا مُكْتَسِبًا، لِقَوْلِهِ ﵊: «مَنْ سَأَلَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى فَإِنَّهُ يَسْتَكْثِرُ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ "، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا ظَهْرُ غِنًى؟ قَالَ: (أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ عِنْدَ أَهْلِهِ مَا يُغَدِّيهِمْ وَيُعَشِّيهِمْ» وَغَنِيٌّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَالْأَخْذُ وَيُوجَبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةُ، وَهُوَ أَنْ يَمْلِكَ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ فَاضِلًا عَنِ الْحَوَائِجِ الْأَصْلِيَّةِ مِنْ غَيْرِ أَمْوَالِ الزَّكَاةِ كَالثِّيَابِ وَالْأَثَاثِ وَالْعَقَارِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَنَحْوِهِ.
قَالَ ﵊: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ "، قِيلَ: وَمَنِ الْغَنِيُّ؟ قَالَ: " مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ» وَغَنِيٌّ يَحْرُمُ عَلَيْهِ السُّؤَالُ وَالْأَخْذُ، وَيُوجَبُ عَلَيْهِ صَدَقَةُ الْفِطْرِ وَالْأُضْحِيَّةُ، وَيُوجَبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ الزَّكَاةِ، وَهُوَ مِلْكُ نِصَابٍ كَامِلٍ نَامٍ عَلَى مَا بَيَّنَاهُ.
قَالَ: (وَلَوْ دَفَعَهَا إِلَى مَنْ ظَنَّهُ فَقِيرًا فَكَانَ غَنِيًا أَوْ هَاشِمِيًّا) أَوْ حَرْبِيًّا أَوْ ذِمِّيًا.
(أَوْ دَفَعَهَا فِي ظُلْمَةٍ فَظَهَرَ أَنَّهُ أَبُوهُ أَوِ ابْنُهُ أَجْزَأَهُ) وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: لَا يُجْزِيهِ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ بِيَقِينٍ، فَصَارَ كَالْمَاءِ إِذَا ظَهَرَ أَنَّهُ نَجِسٌ بَعْدَ اسْتِعْمَالِهِ.
وَلَنَا أَنَّهُ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ إِلَى مَنْ هُوَ فَقِيرٌ فِي اجْتِهَادِهِ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْوُقُوفُ عَلَى الْحَقِيقَةِ، فَقَدْ يَكُونُ فِي يَدِ الْإِنْسَانِ مَالٌ لِغَيْرِهِ أَوْ مَغْصُوبٌ أَوْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِذَا أَعْطَاهُ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ أَجْزَأَهُ كَمَا إِذَا أَخْطَأَ الْقِبْلَةَ بَعْدَ الِاجْتِهَادِ، وَلِحَدِيثِ «مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: دَفَعَ أَبِي صَدَقَتَهُ إِلَى رَجُلٍ لِيُفَرِّقَهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ فَأَعْطَانِي، فَلَمَّا عَلِمَ أَبِي أَرَادَ أَخْذَهُ مِنِّي فَلَمْ أُعْطِهِ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: " يَا مَعْنُ، لَكَ مَا أَخَذْتَ، وَيَا يَزِيدُ، لَكَ مَا نَوَيْتَ» .
قَالَ: (وَإِنْ كَانَ عَبْدَهُ أَوْ مُكَاتَبَهُ لَمْ يُجْزِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ خُرُوجًا صَحِيحًا، وَهَذَا بِالْإِجْمَاعِ.
قَالَ: (وَيُكْرَهُ نَقْلُهَا إِلَى بَلَدٍ آخَرَ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مُعَاذٍ، وَلِأَنَّ لِفُقَرَاءِ بَلَدِهِ حُكْمَ الْقُرْبِ وَالْجِوَارِ، وَقَدِ اطَّلَعُوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَتَعَلَّقَتْ بِهِمْ أَطْمَاعُهُمْ، فَكَانَ الصَّرْفُ إِلَيْهِمْ أَوْلَى.
قَالَ: (إِلَّا إِلَى قَرَابَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ صِلَةِ الرَّحِمِ مَعَ سُقُوطِ الْفَرْضِ.
(أَوْ مَنْ هُوَ أَحْوَجُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ) لِحَدِيثِ مُعَاذٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَنْقُلُ الصَّدَقَةَ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّ فُقَرَاءَ الْمَدِينَةِ أَحْوَجُ وَأَشْرَفُ، وَلَوْ نَقَلَ إِلَى غَيْرِهِمْ جَازَ لِإِطْلَاقِ النُّصُوصِ.

1 / 122