Ikhtilaf al-Hadith - Tad Abdul Aziz
اختلاف الحديث - ت عبد العزيز
پژوهشگر
محمد أحمد عبد العزيز
ناشر
دار الكتب العلمية
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م
محل انتشار
بيروت - لبنان
ژانرها
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
أولًا: ترجمة الإمام محمد بن إدريس الشافعي (^١):
أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي المطلبي الشافعي المكي نسيب رسول الله ﷺ وناصر سنته ولد سنة خمسين ومائة بغرة فحمل إلى مكة لما فطم فنشأ بها وأقبل على العلوم فتفقه بمسلم الزنجي وغيره، حدث عن عمه محمد بن علي وعبد العزيز بن الماجشون ومالك الإمام وإسماعيل بن جعفر وإبراهيم بن أبي يحيى وخلق. وعن أحمد والحميدي وأبو عبيد والبويطي وأبو ثور والربيع المرادي والزعفراني وأمم سواهم وكان من أحذق قريش بالرمي كان يصيب من العشرة عشرة وكأنه أولًا قد برع في ذلك وفي الشعر واللغة وأيام العرب، ثم أقبل على الفقه والحديث وجود القرآن على إسماعيل بن قسطنطين مقري مكة، وكان يختم في رمضان ستين مرة، ثم حفظ الموطأ وعرضه على مالك وأذن له مسلم بن خالد بالفتوى وهو ابن عشرين سنة أو دونها وكتب عن محمد بن الحسن الفقيه وقربختي، روي ذلك ابن أبي حاتم عن الربيع عنه وكان مع فرط ذكائه وسيلان ذهنه يستعمل اللبان ليقوي حفظه فأعقبه رحى الدم سنة.
قال إسحاق بن راهوية: قال لي أحمد بن حنبل بمكة: تعال حتى أريك رجلًا لم تر عيناك مثله، فأقامني على الشافعي وقال أبو ثور: ما رأيت مثل الشافعي ولا رأي هو مثل نفسه، وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول:
_________
(^١) مصادر ترجمة الشافعي:
(١) تذكرة الحفاظ للذهبي (١/ ٣٥٤ / ٣٦١).
(٢) حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (٩/ ٦٣ - ١٦١).
(٣) تاريخ بغداد (٢/ ٥٦ - ٧٣).
(٤) الأنساب للسمعاني (٣٢٥ / ب - ٣٢٦ /أ).
(٥) تهذيب الأسماء للنووي (١/ ٤٤ - ٦٧) والمجموع له أيضا (١/ ٧ - ١٤).
(٦) تهذيب الكمال للمزي (٥٨٠ / أ - ٥٨٢ / ب).
(٧) سير أعلام النبلاء.
(٨) طبقات الشافعية (١/ ١٠٠ - ١٠٧).
(٩) الرسالة المستطرفة (٥٤).
(١٠) مقدمة تحفة الأحوذي (١٠٠ - ١٠١).
1 / 3
سميت ببغداد ناصر الحديث. ووثقه أحمد وغيره، وقال ابن معين: ليس به بأس. قال الفضل بن زياد: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما أحد مس محبرة ولا قلمًا إلا وللشافعي من عنقه منة، وقال ابن راهوية: الشافعي إمام ما أقدسكم بالرأي والشافعي أكثرهم اتباعًا وأقلهم خطأ.
وقال أبو داود: ما أعلم للشافعي حديثًا خطأ. وقال أبو حاتم: صدوق وصح الربيع: سمعته يقول: إذا رويت حديثًا صحيحة فلم آخذ به فأشهدكم أن عقلي قد ذهب. قلت: مناقب الشافعي لا يحتملها هذا المختصر فدونكها في تاريخ دمشق وفي "تاريخ الإسلام" لي وكأن حافظًا للحديث بصيرًا بعلله لا يقبل منه إلا ما ثبت عنده، ولو طال عمره لازداد منه.
توفي أول شعبان سنة أربع ومائتين بمصر، وكان قد انتقل إليها سنة تسع وتسعين ومائة ﵁ فهو وأحمد وابن المديني وابن معين من رجال الطبقة الرابعة من اربعي الطبقات للحافظ ابن المفضل .. أ هـ.
ثانيا: عملي في الكتاب:
أولا: إنني اعتمدت في طبعتي هذه على عدة نسخ وهي:
١. النسخة المخطوطة والمحفوظة بدار الكتب المصرية تحت رقم (٤٦٤ / حديث تيمور) وهي النسخة الأصل التي اعتمدت عليها ووصفها كالآتي - كتب على الغلاف ما نصه: الجزء الأول من كتاب اختلاف الحديث تأليف الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن محمد بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي ﵁.
وكتب على اليمين الروايات وعلى اليسار رقم ٤٦٤ حديث تيمور.
وهي مقسمة إلى خمسة أجزاء، يقع الجزء الأول من صفحة (١) حتى صفحة (٤٣)، والجزء الثاني من (٤٤) حتى (٨٧)، والجزء الثالث من (٨٧) حتى (١٢٩)، والجزء الرابع من (١٢٩) حتى (١٦٨)، والجزء الخامس من
1 / 4
(١٦٨) حتى (٢٠٣) وآخر الكتاب كتب:
آخر كتاب اختلاف الحديث على يد كاتبه الفقير إلى الله تعالى عبد الرحمن بن عثمان بن راشد آل جلاجل غفر الله له ولمن دعا له ولوالديه وإخوانه المسلمين وذلك في ١٣ جمادي الآخر سنة ١٣٢٦ هـ.
ناقلات الخط القديم بقلم محمد بن أبي بكر بن إسماعيل بن البرصي الموصلي فرغ منه في ٩ من شهر شعبان سنة ٦٤٣ بالقاهرة والحمد لله وحده وصلاته وسلامه على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
٢ - نسخة أخرى مخطوطة تحت رقم [٢٣٣٢٧ ب] ضمن مجموعة من ورقة (١ - ١١٨) ومسطرتها ٣٣ سطرًا ١٤ × ٢٠ سم.
وهي نسخة بقلم معتاد بخط عبد الله بن زيد الدين بن أحمد البصروي الشافعي بدون تاريخ (من خطوط القرن الثاني عشر) بلغت مقابله. أ هـ.
٣ - نسخة أخرى تحت رقم (حديث ٣٨).
٤ - نسخة أخرى تحت رقم (٢٩٨٩١ ب) ٩٤ لوحة مصورة عن السابقة.
٥ - نسخة مطبوعة في مصر على هامش كتاب الأم من الجزء السابع وهي مطبوعة بدار الشعب "كتاب الشعب" بدون تاريخ وهي صورة طبق الأصل من الصورة التي طبع بها الكتاب سنة ١٣٢١ هجرية بالمطبعة الأميرية.
ثانيًا: إنني قمت بمطابقة كل هذه النسخ واستنسخت منهم نسخة جعلتها الأصل، قمت بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب وتحقيقها مستندًا بذلك إلى كتب الأصول المختلفة، والأحاديث.
وأسأل الله ﵎ الهدى والسداد والعصمة.
والله ولي التوفيق
محمد أحمد عبد العزيز زيدان
حدائق القبة مساء الخميس ١ يونيو ١٩٨٥ م.
١٨ رمضان سنة ١٤٠٥ هـ
1 / 5
بسم الله الرحمن الرحيم
الجزء الأول من كتاب اختلاف الحديث
تأليف: الإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن محمد بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف القرشي المطلبي ﵁.
- رواية الربيع بن سليمان عنه.
- رواية أبي بكر أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني عنه.
- رواية أبي عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيوية عنه.
- رواية أبي الحسن محمد بن علي بن محمد بن الحسن الجوهري عنه.
- رواية الشيخين أبي نصر محمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا وأبي عبد الله محمد بن عبد الباقي بن الفرج الدودي عنه.
- رواية أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن يوسف عنهما.
- رواية الشيخ الفقيه الإمام بهاء الدين مفتي المسلمين أبي الحسن علي بن هبة الله بن سلامة الشافعي عنه.
1 / 9
بسم الله الرحمن الرحيم
رب يسر يا كريم
الجزء الأول
أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام العالم الصدر الكامل جامع أشتات الفضايل بهاء الدين مفتي المسلمين أبو الحسن علي بن أبي الفضايل هبة الله بن سلامة اللخمي الشافعي، بقراءة عليه، قلت له: أخبركم أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن عبد القادربن محمد بن يوسف البغدادي بها، قراءة عليه، وأنت تسمع سنة إحدى وسبعين وخمسمائة لجميع هذا الكتاب، إلا النصف الأول من الجزء الأول فإنه إجازة له منه قال: أخبرنا الشيخان أبو نصر محمد بن الحسن بن أحمد بن عبد الله بن البنا وأبو عبد الله محمد بن عبد الباقي بن الفرج الدودي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن الحسن الجوهري قراءة وهو يسمع، وأنا أسمع فأَقَرَّ به.
أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن زكريا بن حيوية قراءة عليه وأنا أسمع حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله بن سيف السجستاني حدثنا الربيع بن سليمان، قال: قال محمد بن إدريس المطلبي الشافعي ﵁:
الحمد لله بما هو أهله وكما ينبغي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
1 / 11
شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فإن الله جل ثناؤه وضع رسوله موضع الأمانة، لما افترض على خلقه في كتابه، ثم على لسان نبيه ﷺ وإن لم يكن ما افترض على لسانه نصًا في كتاب الله، فأبان في كتابه، أن رسول الله ﷺ يهدي إلى صراط مستقيم، صراط الله ففرض على العباد طاعته وأمرهم بأخذ ما آتاهم والإنتهاء لما نهاهم عنه، وكان فرضه على كل من عاين رسوله ومن بعده إلى يوم القيامة واحدًا في أن على كل طاعته ولم يكن أحد غاب عن رؤية رسول ﷺ يعلم أمر رسول الله ﷺ إلا بالخبر عنه، وأوجب الله جل ثناؤه على عباده حدودأ، وبينهم حقوقًا فدل على أن يؤخذ منهم ولهم بشهادات والشهادات أخبار، ودل في كتابه على لسان نبيه أن الشهود في الزنا أربعة وأمر في الدين بشاهدين أو شاهد وامرأتين، وفي الوصايا بشاهدين وكانت حقوق سواها بين الناس لم يذكر في القرآن عدد الشهود فيها منها القتل وغيره، أخذ عدد الشهود فيها من سنة أو إجماع وأخذ أن يقتل في غير الزنا ويقطع وتؤخذ الحقوق من جميع الجهات بشاهدين، بقول الأكثر من أهل العلم ولم يجعلوه قياسًا على الزنا وآخذ أن تؤخذ الأموال بشاهد وامرأتين، لذكر الله إياهما في الدين وهو مال، واخترنا أن يؤخذ المال بيمين وشاهد بسنة رسول الله ﷺ واخترنا أنه يجب الحق في القسامة بدلائل قد وصفناها، وإن لم يكن مع الدلائل شاهد بالخبر عن رسول الله فكان ما فرض الله من الخبر عن رسول لله ﷺ ودي خبرًا، كما تؤدي الشهادات خبرًا وشرط في الشهود، ذوي عدل، ومن نرضى وكان الواجب أن لا يقبل خبر أحد على شيء يكون له حكم حتى يكون عدلًا في نفسه ورضًا في خبره، وكان بينًا إذ افترض الله علينا قبول أهل العدل أنه إنما كلفنا العدل عندنا على ما يظهر لنا لأنا لا نعلم مغيب غيرنا، فلما تعبدنا الله بقبول الشهود على العدالة عندنا.
ودلت السنة على إنفاذ الحكم بشهاداتهم وشهاداتهم إخبار دل على أن قبول
1 / 12
قولهم وعددهم تعبد لأنه لا يكون منهم عدد إلا وفي الناس أكثر منه وكان في قبولهم على اختلافهم مقبولًا من وجوه، بما وصفت من كتاب أو سنة أو قول، عوام أهل العلم لا أن ما ثبت وشهد به عندنا من قطعنا الحكم بشهادته إحاطة عندنا على المغيب، ولكنه صحق على الظاهر بصدق المخبر عندنا وإن أمكن فيه الغلط ففيه ما دل على الفرض علينا من قبول الخبر عن رسول الله ﷺ ولا يؤخذ عدد من يقبل خبره عنه ﷺ إلا بأحد الدلائل التي قبلنا بها، عددًا من الشهود، فرأينا الدلالة عن رسول الله ﷺ بقبول خبر الواحد عنه فلزمنا والله أعلم أن نقبل خبره، إذا كان من أهل الصدق كما لزمنا قبول عدد من وصفت عدد في الشهادة، بل قبول خبر الواحد عنه أقوى سببًا بالدلالة عنه، ثم ما لم أعلم فيه خلافًا من أحد من ماضي أهل العلم بعد رسول الله فتابعيهم إلى اليوم خبرأ نصا عنهم ودلالة معقولة عنهم، من قبول علا الشهود، في بعض ما قبلناه فيه.
وقد كتبت في كتاب جماع العلم، الدليل على ما وصفت مما اكتفيت في رد كثير منه في كتابي هذا، وقد رددت منه جملًا تدل من لم يحفظ كتاب جماع العلم، على ما وراءها إن شاء الله فإن قال قائل: أفيكون الإخبار عن رسول الله ﷺ واحدًا أو أكثر، قيل الخبر عن رسول الله ﷺ خبران: فخبر عامة، عن عامة عن البني ﷺ يحمل ما فرض على العباد أن يأتوا به بألسنتهم وأفعالهم، ويؤتوا به من أنفسهم وأموالهم وهذا ما لا يسع جهله وما كان على أهل العلم والعوام، أن يستووا فيه، لأن كلا كلفه كعلا الصلاة، وصوم رمضان وتحريم الفواحش، وأن الله علهيم حقًا في أموالهم.
وخبر خاصة: في خاص الأحكام لم يكلفه العامة، لم يأت أكثره كما جاء الأول، وكلف علم ذلك من فيه الكفاية للخاصة به دون العامة، وهذا مثل ما يكون منهم في الصلاة سهو يجب به سجود السهو وما يكون منهم فيما لا يجب به سجود سهو وما يفسد الحج وما لا يفسده وما تجب به
1 / 13
البدنة، ولا تجب مما يفعل مما ليس فيه نص كتاب، وهو الذي على العلماء فبه عندنا والله أعلم، قبول خبر الصادق على صدقه ولا يسعهم رده كما لا يسعهم رد العدد من الشهود الذين قبلوا شهادتهم وهو حق صدق عندهم، على الظاهر كما يقال فيما شهد به الشهود، فمن أدخل في شيء من قبول خبر الواحد شيئًا دخل عليه في قبول عدد الشهود الذين ليسوا بنص في كتاب ولا سنة مثل الشهود على القتل وغيره، إن شاء الله فإن قال قائل: فأين الدلالة على قبول خبر الواحد عن رسول الله قيل له: إن شاء الله كان الناس مستقبلي بيت المقدس ثم حولهم الله إلى البيت الحرام فأتى أهل قباء آت وهم في الصلاة، فأخبرهم أن الله أنزل على رسوله كتابًا وأن القبلة حولت إلى البيت الحرام، فاستداروا إلى الكعبة وهم في الصلاة وأن أبا طلحة وجماعة كانوا يشربون فضيخ بسر، ولم يحرم يومئذ من الأشربة شيء فأتاهم آت فأخبرهم أن الخمر قد حرمت، فأمروا أناسًا فكسروا جرار شرابهم ذلك ولا شك أنهم لا يحدثون في مثل هذا إلا ذكروه لرسول الله صلىالله عليه وسلم إن شاء الله ويشبه أن لو كان قبول خبر من أخبرهم وهو صادق عندهم، مما لا يجوز لهم قبوله، أن يقول لهم رسول الله قد كنتم على قبلة، ولم يكن لكم أن تحولوا عنها إذ كنت حاضرًا معكم حتى أعلمكم أو يعلمكم جماعة أو عدد يسمهم لهم ويخبرهم أن الحجة تقوم عليهم بمثلها لا بأقل منها، إن كانت لا تثبت عنده بواحد والفساد لا يجوز عند رسول الله صلىالله عليه وسلم، ولا عند عالم وهراقة حلال فساد فلو لم تكن الحجة أيضا تقوم عليهم بخبر من أخبرهم بتحريم لأشبه أن يقول: قد كان لكم حلالًا ولم يكن لكم إفساده حتى أعلمكم أن الله جل وعز حرمه، أو يأتيكم عدد يحده لهم يخبر عني بتحريمه وأمر رسول الله أم سلمة أن تعلم امرأة أن تعلم زوجها إن قبلها وهو صائم، لا يحرم عليه بخبرها إذا صدقها، لم يأمرها إن شاء الله به وأمر رسول الله أنيسًا الأسلمي أن يغدو على امرأة رجل فإن، اعترفت رجمها، فاعترفت فرجمها.
1 / 14
وفي ذلك إفاتة نفسها باعترافها عند أنيس وهو واحد وأمر عمرو بن أمية أن يقتل أبا سفيان، وقد سن عليه إن علمه أسلم لم يحل له قتله، وقد يحدث الإسلام قبل أن يأتيه عمرو بن أمية وأمر أنيسًا أو عبد الله بن أنيس،"شك الربيع" أن يقتل خالد بن سفيان الهذلي فقتله، ومن سنة رسول الله ﷺ، لو أسلم أن لا يقتله، وكل هؤلاء من معاني ولاته وهم واحد واحد فتصور الحكم بأخبارهم، وبعث رسول الله بعماله واحدًا واحدًا ورسله واحدًا واحدًا، وإنما بعث عماله ليخبروا الناس بما أخبرهم به رسول الله ﷺ من شرائع دينهم، ويأخذوا منهم ما أوجب الله عليهم ويعطوهم ما لهم، ويقيموا عليهم الحمود، وينفذوا فيهم الأحكام ولم يبعث منهم واحدًا، إلا مشهورًا بالصدق عند من بعثه إليه.
ولو لم تقم الحجة عليهم بهم إذ كانوا في كل ناحية وجههم إليها أهل صدق عندهم ما بعثهم إن شاء الله وبعث أبا بكر واليًا على الحج، فكان في معنى عماله ثم بعث عليًا بعده بأول سورة براءة فقرأها في مجمع الناس في الموسم، وأبو بكر واحد وعلي واحد وكلاهما بعثه بغير الذي بعث به صاحبه، ولو لم تكن الحجة تقول عليهم ببعثته كل واحد منهم إذ كانا مشهورين عند عوامهم بالصدق.
وكان من جهلهما من عوامهم يجد من يثق به، من أصحابه يعرف صدقهما ما بعث منهما واحدًا فقد بعث عليًا يعطيهم نقض مدد وإعطاء مدد ونبذ إلى قوم ونهى عن أمور وأمر بأخرى، وما كان لأحد من المسلمين بلغه على أن لهم مدة أربعة أشهر، أن يعرض لهم في مدتهم ولا مأمور بشيء ولا منهي عنه برسالة علي أن يقول له: أنت واحد ولا تقوم علي الحجة بأن رسول الله بعثك إلي بنقض شيء جعله لي ولا بإحداث شيء لم يكن لي ولا لغيري ولا ينهي عن أمر لم أعلم رسول الله ﷺ ونهى عنه، ولا بإحداث أمر لم أعلم رسول الله أحدثه وما يجوز هذا لأحد في شيء قطعه عليه علي برسالة النبي ولا أعطاه إياه، ولا أمر به ولا نهاه عنه. بأن يقول: لم أسمعه من رسول الله أو ينقله إلي عدد أو لا
1 / 15
أقبل فيه خبرك، وأنت واحد ولا كان لأحد وجه إليه رسول الله عاملًا يعرفه أو لا يعرفه له، من يصدقه صدقه أن يقول له العامل: عليك أن تعطي كذا وكذا أو نفعل بك كذا، فيقول: لا أقبل هذا منك لأنك واحد حتى ألقى رسول الله فيخبرني أن علي ما قلت: أنه علي فأفعله عن أمررسول الله، لا عن خبرك وقد يمكن أن يغلط أويجهل بينة عامة، بشرط في عدد هم وإجماعهم على الخير عن رسول الله وشهادتهم معًا أومتفرقين ثم لا يذكر أحد من خبر العامة، عددًا أبدًا، إلا وفي العامة عدد أكثر منه، ولا من اجتماعهم حين يخبرون وتفرقهم تثبيتًا إلا أمكن في زمان النبي ﷺ أو بعض زمان حين كثر أهل، الإسلام فلا يكون لتثبيت الأخبار غاية أبدًا ينتهي إليها ثم لا يكون هذا لأحد من الناس أجوز منهلمن قال هذا ورسول الله بين ظهرانيه لأنه قد يدرك لقاء رسول الله ويدرك ذلك له أبوه وولده وإخوته وقرابته ومن يصدقه في نفسه ويفضل صدقه له بالنظر له، فإن الكاذب قد يصدق نظرًا وإذا لم يجز هذا لأحد يحرك لقاء رسول الله ويدرك خبر من يصدق من أهله والعامة عنه، كان لمن جاء بعد رسول الله ممن لا يلقاه في الد نيا أولى أن لا يجوز ومن زعم أن الحجة لا تثبت بخبر المخبر الصادق عند من أخبره فما يقول في معاذ إذ بعثه رسول الله إلى أهل اليمن واليًا ومحاربًا من خالفه.
ودعا قومًا لم يلقوا النبي ﵇ إلى أخذ الصدقة منهم وغيرها، فامتنعوا فقاتلهم وقاتلهم معه من أسلم منهم بأمر رسول الله ولم يكن عند من قاتل معه أو أكثرهم، إلا صدق معاذ عندهم بأن النبي ﷺ، أمره بقتالهم إذ كانوا مطيعين لله تعالى، بنصر معاذ وتصديقه عن النبي ﷺ وكانت الحجة قائمة على من رد على معاذ ما جاء به معاذ حتى قتله معاذ وهو محجوج ومعاذ لله مطيع وما يقول فيمن كان رسول الله يبعثه في جيوشه وسراياه إلى من بعث فيدعوهم إلى الإسلام أو إعطاء الجزية فإن أبوا قاتلهم أكان أمير الجيش والسرية.
والجيش والسرية مطيعين لله فيمن قاتلوا ومن امتنع ممن دعوه محجوجًا وقد كانت سراياه تكون عشرة نفر أو أقل أو أكثر، أم لا فإن زعم أن من جاءه
1 / 16
معاذ وأمراء سراياه محجوجًا بخبره، فقد زعم أن الحجة تقوم بخبر الواحد وإن زعم أن لم تقم عليهم حجة فقد أعظم القول.
وإن قال لم يكن هذا أنكر خبر العامة عمن وصفت وصار إلى طرح خبر الخاصة والعامة، وما يقول فيه امرؤ ببادية من الله عليه بالإسلام، ثم تنحى إلى باد يته فجاء أخوه وأبوه وهما صادقان عنده فأخبراه أن النبي ﷺ حرم شيئًا أو أحله فحرمه أو أحله، أيكون مطيعًا لله بقبول خبرهما، فإن قال نعم، فقد ثبت خبر الواحد و! إن قال: لا، خرج مما لم أعلم فيه مخالفًا فإني لم أحفظ عن أحد لقيته، ولم أعلمه حكى لي عمن لم ألق من أهل العلم، أن لا يثبت إلا ما وصفت من أمر أبي بكر، وعلي وغيرهما من عمال النبي ﷺ على الإنفراد، ولا يجوز أن يبعث النبي ﷺ إلا بما تقوم به الحجة لمن يبعث إليه وعلى من بعث إليه النبي ﷺ ولم أعلم مخالفًا من أهل العلم في أن لم يكن لأحد وصل إليه عامل رسول الله ﷺ ورسله ممن سمينا أو لم نسم من عماله ورسله. أن يمنعه شيئًا أعلمه، أنه يجب عليه ولا أن يرد حكمًا حكم به عليه ولا أن يعصيه فيما أمره به، مما لم يعلم لرسول الله فيه سنة تخالفه لأن رسول الله لا يبعث إلا بما تقوم به الحجة.
فكل من بعث رسول لله واحد ثم لم أعلم لناس منذ قبض الله رسوله اختلفوا في أن خليفتهم ووالي المصر لهم، وقاضي المصر واحد، وليس من هؤلاء واحد عدل يقضي فيقول شهد عندي فلان وفلان، وهما عدلان على فلان، أنه قتل فلانًا أو أنه ارتد عن الإسلام، أو أنه قذف فلانًا، أو أنه أتى فاحشة مما يجوز فيه شاهدان الإجاز، أن يقام عليه ما وصفه هؤلاء، ولا حاكم يعرف بعدل، يكتب بأنه قضى لفلان على فلان بكذا من المال وبالدار، التي في موضع كذا ولا لأحد بأنه ابن فلان ووارثه ولا شيء من حقوق الناس، إلا أنفذه الحاكم المكتوب اليه وكل حاكم جاء بعده، ولا يكتب به إلى حاكم ببلد من بلدان أهل الإسلام لأحد ولا على أحد إلا أنفذه له، علم إلا بقول الحاكم الذي قضى به، ولا عند الحاكم المكتوب إليه أن أحدًا شهد عند
1 / 17
القاضي الذي ذكر أنه شهد عنده، إلا بخبر ذلك القاضي، والقاضي واحد فقد أجازوا خبره في جميع أحكام الناس فكذلك الخليفة والوالي العدل وفيما وصفت من أنهم لم يختلفوا في هذا دليل على أن الحجة في الحكم الذي لم يكلفه العباد كلهم تقول بخبر الواحد، مع إني لم أعلم أحدًا حكم عنه من أصحاب رسول الله، والتابعين، إلا ما يدل على قبول خبر الواحد، وكان عمر بن الخطاب في لزومه رسول الله حاضرًا ومسافرًا وصحبته له، ومكانه من الإسلام، وأنه لم يزايل المهاجرين بمكة، والمهاجرين والأنصار بالمدينة، ولم يزايله عامة منهم في سفر له وأنه مقدم عندهم في العلم والرأي، وكثرة الإستشارة لهم، وأنهم يبدأونه بما علموا فيقبله من كل من جاء به، وأنه يعلم أن قوله حكم ينفذ على الناس في الدماء والأموال والفروج يحكم بين أظهرهم، أن في الإبهام خمس عشرة من الإبل وفي المسبحة والوسطى عشرًا عشرًا، وفي التي تلي الخنصر تسعًا وفي الخنصر ستًا فمضى على ذلك كثير ممن حكى عنه في زمانه والناس عليه حتى وجد كتاب عند عمرو بن حزم كتبه رسول الله ﷺ لعمرو بن حزم فيه: "وفي كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل "، فصار الناس إليه وتركوا ما
1 / 18
قضى به عمر مما وصفت وسووا بين الخنصر التي قضى فيها عمر بست والإبهام التي قضى فيها بخمس عشرة، وكذلك يجب عليهم ولو علمه عمركما علموه لقبله وترك ما حكم به إن شاء الله، كما فعل في غيره، مما علم فيه عن النبي ﷺ غير ما كان هو يقول فترك قوله بخبر صادق عن رسول الله ﷺ، وكذلك يجب عليه.
قال الشافعي ولا أحسبه قال بما قال، من ذلك وقبل ذلك، من قبله من المقضى له، والمقضى عليه، وغيرهم، إلا أنه وإ ياهم قد علموا أن رسول الله صلى عليه وسلم، قضى في اليد بخمسين من الإبل، وكانت اليد خمسة أطراف فاجتهد فيها على قدر منافعها وجمالها، ففضل بعضها على بعض، ولو لم يكن عند رسول الله أن في كل أصبع عشرًا صرنا إلى ما قال عمر أو ما أشبهه، وعلمنا أن الخنصر لا تشبه الإبهام في الجمال ولا المنفعة، وفي هذا دليل على ما قلت من أن الخبرعن رسول الله يستغني بنفسه، ولا يحتاج إلى غيره ولا يزيده غيره، إن وافقه قوة ولا يوهنه إن خالفه غيره، وأن الناس كلهم بحاجة إليه، والخبر عنه فإنه متبوع لا تابع، وأن حكم بعض أصحاب رسول الله، إن كان يخالفه فعلى الناس أن يصيروا إلى الخبر عن رسول الله، وأن يتركوا ما يخالفه، ودليل على أن يصيروا إلى الخبر عن رسول الله ﷺ وأن يتركوا ما يخالفه، ودليل على أنه يعزب على المتقدم الصحبة الواسع العلم الشيء يعلمه غير، وكان عمر بن الخطاب يقضي أن الدية للعاقلة، ولا يورث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان أن رسول الله، كتب إليه أن يورث امرأة
1 / 20
أشيم الضبابي من دية زوجها، فرجع إليه عمر قال: وسأل عمر بن الخطاب من عنده علم عن النبي ﷺ، في الجنين فأخبره حمل بن مالك أن النبي ﷺ، قضى فيه بغرة فقال عمر بن الخطاب:
إن كدنا أن نقضي في مثل هذا برأينا، أو قال: لو لم نسمع هذا لقضينا فيه بغير هذا. وفي كل هذا دليل على أنه يقبل خبر الواحد إذا كان صادقًا عند من أخبره، ولو جاز لأحد رد هذا بحال، جاز لعمر بن الخطاب أن يقول للضحاك: أنت رجل من أهل نجد، ولحمل بن مالك: أنت رجل من أهل تهامة، لم تريا رسول الله ولم تصحباه إلا قليلًا، ولم أزل معه ومن معي من المهاجرين والأنصار، فكيف عزب هذا عن جماعتنا، وعلمته أنت وأنت واحد يمكن فيك أن تغلط وتنسى؟ بل رأى الحق اتباعه والرجوع عن رأيه في ترك توريث المرأة من دية زوجها، وقضى في الجنين مما أعلم من حضر أنه لو لم يسمع عن النبي فيه شيئًا قضى فيه بغيره، كأنه يرى إن كان الجنين حيًا ففيه مائة من الإبل، وإ ن كان ميتًا فلا شيء فيه، ولكن الله تعبده والخلق بما شاء على لسان نبيه فلم يكن له، ولا لأحد إدخال لم ولا كيف ولا شيئًا، من الرأي على الخبر عن رسول الله، ولا رده على من يعرفه بالصدق في نفسه وإن كان واحدًا وقبل عمر بن الخطاب خبر عبد الرحمن بن عوف، في أخذ الجزية من المجوس، ولم يقل: لو كانوا أهل كتاب كان لنا أن نأكل ذبائحهم وننكح نساءهم، وإ ن لم يكونوا أهل كتاب، لم يكن لنا أن نأخذ الجزية منهم، وقبل خبر عبد الرحمن بن عوف في الطاعون، ورجع بالناس عن خبره، وذلك أنه يعرف صدق عبد الرحمن، ولا يجوز له عنده ولا عندنا خلاف خبر الصادق عن رسول الله، فإن قال قائل:
1 / 21
فقد طلب عمر بن الخطاب، من مخبر عن النبي ﷺ مخبرًا آخر غيره معه عن النبي ﷺ قيل له: أن قبول عمر لخبر واحد على الإنفراد يدل على أنه لا يجوز عليه أن يطلب مع مخبر مخبرًا غيره إلا استظهارًا لا أن الحجة تقوم عنده بواحد مرة، ولا تقوم أخرى وقد يستظهر الحاكم فيسأل الرجل قد شهد له عنده الشاهدان العدلان زيادة شهود فإن لم يفعل قبل الشاهدين، وإن فعل كان أحب إليه، أو أن يكون عمر جهل المخبر وهو إن شاء الله لا يقبل خبر من جهله، وكذلك نحن لا نقبل خبر من جهلناه وكذلك لا نقبل خبر من لم نعرفه بالصدق وعمل الخير، وأخبرت الفريعة بنت مالك عثمان بن عفان، أن النبي ﷺ، أمرها أن تمكث في بيتها وهي متوفى عنها، حتى يبلغ الكتاب أجله فاتبعه وقضى به، وكان ابن عمر يخابر الأرض بالثلث والربع لا يرى بذلك بأسًا فأخبره رافع أن النبي نهى عنها فترك ذلك بخبر رافع، وكان زيد بن ثابت سمع النبي يقول: لا يصدرن أحد من الحاج حتى يطوف بالبيت يعني طواف الوداع، بعد طواف الزيارة، فخالفه ابن عباس وقال: تصدر الحائض غيرها، فأنكر ذلك زيد على ابن عباس، فقال ابن عباس: سل أم سلمة فسألها، فأخبرته أن النبي ﷺ أرخص للحائض في أن تصدر ولا تطوف، فرجع إلى ابن عباس، فقال: وجدت الأمر كما قلت، وأخبر أبو الدرداء معاوية، أن النبي ﵇ نهى عن بيع باعه معاوية، فقال معاوية: ما أرى بهذا بأسًا، فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أخبره عن رسول الله، ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض، فخرج أبو الدرداء من ولاية معاوية ولم يره ولم يسع مساكنته، إذ لم بقبل منه خبره عن النبي، ولو لم تكن الحجة تقوم عليه عند أبي الدرداء بخبره ما كان رأى أن مساكنته عليه ضيقة، ولم أعلم أحدًا من التابعين أخبر عنه إلا قبل خبر واحد وأفتى به انتهى إليه، فابن المسيب يقبل خبر أبي هريرة وحده، وأبي سعيد وحده عن النبي ﷺ، ويجعله سنة وعروة يصنع ذلك
1 / 22
في عائشة ثم يصنع ذلك في يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب.
وفي حديث يحيى بن عبد الرحمن عن أبيه، عن عمر وعبد الرحمن بن عبد القاري عن عمر، عن النبي ﷺ ويثبت كل ذلك سنة، وصنع ذلك القاسم وسالم وجميع التابعين بالمدينة وعطاء وطاوس ومجاهد بمكة، فقبلوا الخبر عن جابر وحده عن النبي ﵇ وعن ابن عباس وحده عن النبي وثبتوه سنة، وصنع ذلك الشعبي فقبل خبر عروة بن مضرس عن النبي وثبته سنة، وكذلك قبل خبر غيره، وصنع ذلك إبراهيم النخعي فقبل خبر علقمة، إن عبد الله، عن النبي، وثبته سنة، وكذلك خبر غيره، وصنع ذلك الحسين وابن سيرين، فيمن لقيا لا أعلم أحدًا منهم إلا وقد روي، هذا عنه، فيما لو ذكرت بعضه لطال.
حدثنا الربيع، قال: أخبرنا الشافعي، قال: أنبأنا سفيان عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب، نهى عن الطيب قبل زيارة البيت، وبعد الجمرة، قال سالم، فقالت عائشة: طيبت رسول الله بيدي لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف بالبيت، وسنة رسول الله أحق قال الشافعي فترك سالم قول جده عمر في إمامته، وقبل خبر عائشة وحدها وأعلم من حدثه أن خبرها وحدها سنة، وأن سنة رسول الله أحق، وذلك الذي يجب عليه وضع ذلك الذين بعد التابعين المتقدمين مثل ابن شهاب، ويحيى بن سعيد وعمرو بن دينار وغيرهم، والذي لقيناهم كلهم، يثبت خبر واحد عن واحد عن النبي ﷺ ويجعله سنة حمد من تبعها وعاب من خالفها، فحكيت عامة معاني ما كتبت في صمر كتابي هذا العدد من المتقدمين في العلم بالكتاب والسنة، واختلاف الناس والقياس والمعقول، فما حالف منهم واحد واحدًا، وقالوا: هذا مذهب أهل العلم من أصحاب رسول
1 / 23
الله ﷺ والتابعين وتابعي التابعين ومذهبنا فمن فارق هذا المذهب كان عندنا مفارق سبيل أصحاب رسول الله، وأهل العلم بعدهم، إلى اليوم وكان من أهل الجهالة، وقالوا معًا: لا نرى إلا إجماع أهل العلم في البلدان على تجهيل من خالف هذا السبيل وجاوزوا أو أكثرهم فيمن يخالف هذا السبيل إلى ما لا أبالي أن لا أحكيه، وقلت لعدد ممن وصفت من أهل العلم، فإن من هذه الطبقة الذين خالفوا أهل مذهبنا ومذهبكم من قال: إن خلافنا لما زعمتم في القرآن والحديث، يأمر بأن لنا فيه حجة على أن القرآن عربي، والأحاديث بكلام عربي، فأتأول كلامًا على ما يحتمل اللسان ولا أخرج مما يحتمله اللسان وإذا تأولته على ما يحتمله اللسان فلست أخالفه، فقلت: القرآن عربي كما وصفت والأحكام فيه على ظاهرها وعمومها ليس لأحد أن يحيل منها ظاهرًا إلى باطن ولا عامًا إلى خاص، إلا بدلالة من كتاب الله، فإن لم تكن فسنة رسول الله تدل على أنه خاص دون عام، أو باطن دون ظاهر، أو إجماع من عامة العلماء الذين لا يجهلون كلهم كتابًا ولا سنة، وهكذا السنة ولوجاز في الحديث أنه يحال شيء منه عن ظاهره إلى معنى باطن يحتمله كان أكثر الحديث يحتمل عددًا من المعاني ولا يكون لأحد ذهب إلى معنى ولكن الحق فيها واحد لأنها على ظاهرها وعمومها إلا دلالة عن رسول الله أو قول عامة أهل العلم، بأنها على خاص لحون عام، وباطن دون ظاهر، إذا كانت إذا صرفت إليه عن ظاهرها محتملة للدخول في معناه، قال: وسمعت عددًا من متقدمي أصحابنا وبلغني عن عدد من متقدمي أهل البلدان في الفقه، معنى هذا القول لا يخالفه، وقال لي بعض أهل العلم في هذا الأصل إنما اختلفوا في الرجال الذين يثبتون حديثهم ولا يثبتونه في التأويل، فقلت له: هل يعدوحديث كل رجل منهم حدث عنه لا يخالفه غيره أن يثبت من جهة صدقه وحفظه كما يثبت عندك عدل الشاهد بعدله إلا بدلالة على ما شهد عليه، إلا عدل نفسه أو لا يثبت، قال: لا يعدو هذا.
قلت فإذا ثبت حديثه مرة لم يجزأن نطرحه أخرى بحال أبدًا إلا بما يدل على نسخه أو غلط فيه، لأنه لا يعدو في طرحه فيما يثبته في مثله أن يخطئ في
1 / 24
الطرح أو التثبيت، قال: لا يجوز غير هذا أبدًا وهذا العدل، قلت: وهكذا كل من فوقه ممن في الحديث لأنك تحتاج في كل واحد منهم إلى صدق وحفظ، قال: أجل، فقلت: وهكذا تصنع في الشهود، ولا تقبل شهادة رجل في شيء، وتردها في مثله، قال: أجل.
وقلت: لو صرت إلى غير هذا قال لك من خالفك مذهبه من أهل الكلام إذا جاز لك رد حديث واحد وسمى رجلًا ورجالًا فوقه بلا حجة في رده، جاز لي رد جميع حديثه لأن الحجة بصدقه أوتهمته بلا دلالة في واحد الحجة في جميع حديثه ما لم يختلف حاله في حديثه، واختلافها أن يحدث مرة ما لا مخالف له فيه، ومرة ما له فيه
مخالف، فإذا كان هذا هكذا اختلفت حاله في حديثه بخلاف غيره له ممن هو في مثل حاله في حديثه، كما تقبل شهادة الشهود ويقضي بما شهدوا به على الكمال، فإذا خالفهم غيرهم لهم عنه إذا كانوا شهدوا غير مخالفين لهم في الشهادة، فقال: من قلت له هذا من أهل العلم هذا هكذا، وقلت لبعضهم: ولو جاز لك غير ما وصفت جاز لغيرك عليك أن يقول: أجعل نفسي بالخيار فأرد من حديثه ما قبلت وأقبل من حديثه ما رددت بلا اختلاف لحاله في حديث وأسلك في ردها طريقك فيكون لي ردها كلها لأنك قد رددت منها ما شئت، فشئت أنا ردها كلها، وطلب العلم من غير الحديث ثم أعتل فيها بمعنى علتك، ثم لعله أن يكون ألحق بحجته منك قال ما يجوز هذا لأحد من الناس، وما القول فيه إلا أن يقبل حديثهم ما وصفت أولًا ما لم يكن له مخالف أو يختلف حالهم فيه.
وقلت له والحجة على من تأول بلا دلالة، كتابًا أو سنة على غير ظاهرهما وعمومهما، إن احتملا الحجة لك، على من خالف مذهبك في تأويل القرآن والحديث.
فقال: ما سمعنا منهم أحدًا تأول شيئًا إلا على ما يحتمله احتمالًا جائزًا في لسان العرب وإن كان ظاهره على غير ما تأوله عليه لسعة لسان العرب، وبذلك صار من صار منهم إلى استحلال ما كرهنا نحن وأنت استحلاله وجهل
1 / 25
ما كرهنا لهم جهله، قال: أجل، وقلت له: قد روينا ورويت أن رسول الله ﷺ أمر امرأة أن تحج عن أبيها، ورجلًا أن يحج عن أبيه فقلنا نحن وأنت به، وقلنا نحن وأنت معًا لا يصوم أحد عن أحد، ولا يصلي أحد عن أحد، فذهب بعض أصحابنا إلى أن ابن عمر، قال: لا يحج أحد عن أحد أفرأيت إن احتج له أحد ممن خالفنا فيه، فقال: الحج عمل على البدن كالصلاة والصوم، فلا يجوز أن يعمله المرء إلا عن نفسه وتأول قول الله ﷿ وإن ليس للإنسان إلا ما سعى وتأول فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره وقال السعي العمل والمحجوج عن غير عامل فهل الحجة عليه إلا أن الذي روى هذا الحديث عن رسول الله ممن يثبت أهل الحديث حديثه، وأن الله فرض طاعة رسول الله، وأن ليس لأحد خلافه ولا التأول معه لأنه المنزل عليه الكتاب المبين عن الله معناه وأن الله جل ثناؤه يعطي خلقه بفضله ما ليس لهم وأن ليس في أحد من أصحاب النبي، لوقال: بخلافه حجة وأن عليه أن لو علم هذا عن رسول الله أتباعه، قال: هذه الحجة عليه قلت وروبنا ورويت أن رسول الله، قال:"من أعمر عمرى له ولعقبه فهي للذي يعطاها فأخذنا نحن وأنت به وخالفنا بعض أهل ناحيتنا، أفرأيت إن احتج له
1 / 26
أحد، فقال: قد روي عن النبي ﷺ أنه قال"المسلمون على شروطهم فلا يؤخذ مال رجل إلا بما شرط أهل الحجة عليه "إلا أن قول النبي ﷺ إن كان قاله المسلمون على شروطهم جملة فلا يرد بالجملة نص خبر عن رسول الله فلا ترد الجملة نص خبر يخرج من الجملة ويستدل على أن الجملة على غير ما أراد رسول الله مما يخالف جملتها وأن في الحديث الذي روي عن النبي المسلمون على شروطهم، إن قال النبي إلا شرطًا أحل حرامًا أو حرم حلالًا.
وهذا من تلك الشروط وقد شرط أهل بريرة على عائشة أن تعتق بريرة ولهم ولاء بريرة، فجعل النبي الولاء لمن أعتق، قال فهذه الحجة عليه وكفى بهذه حجة، وقلت: فإن أحتج بأن القاسم بن محمد قال: في العمري ما أدركت الناس إلا على شروطهم، قال: هذا مذهب ضعيف ولا حجة في أحد خالف ما نثبته عن رسول الله بحال، وذكرت له بعض ما روينا ورووا من الحديث وخالفه بعض أهل ناحيتنا فاحتججت عليه بمعان شبيهة بما وصفت واحتج بنحو ما ذكرت، فقلت له: فما قلت فيمن قال: هذا من أهل ناحيتنا، قال: قلت: أنه خالف السنن فيما ذكرنا وكان أقل عذرًا لما خالف فيها من الذين أحل دينهم طرح الحديث، ولم يدخل أهل الرد للحديث في معنى إلا دخل فيما خالف منه في مثله بل. هم أحسن حجة فيما خالفوه منه وتوجيهًا له منه فقلت له: فإذا
1 / 27