ولإمام الْحَرَمَيْنِ تَفْصِيل آخر يَأْتِي فِي الْقسم الَّذِي بعد هَذَا وَهُوَ
الْقسم الرَّابِع أَن تكون الْمُخَالفَة بترك مَدْلُول الحَدِيث بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا روى أَبُو هُرَيْرَة ﵁ أَن النَّبِي ﷺ قَالَ إِذا ولغَ الْكُلِّي فِي إِنَاء أحدكُم فاغسلوه سبع مرار الحَدِيث وَجَاء عَن أبي هُرَيْرَة نَفسه أَنه يغسل الْإِنَاء من ولوغ الْكَلْب ثَلَاثًا
وَهَذَا ذكره فَخر الدّين ابْن الْخَطِيب مِثَالا لتخصيص الرَّاوِي عُمُوم الْخَبَر وَهُوَ تَمْثِيل ضَعِيف لِأَن الْأَعْدَاد نُصُوص لَا تقبل التَّجَوُّز وَلَيْسَت من الْأَلْفَاظ الْعَامَّة حَتَّى تكون الثَّلَاثَة أحد أَفْرَاد السَّبْعَة بل هَذَا مُخَالفَة مَحْضَة لمدلول الْخَبَر
وَالَّذِي ذهب إِلَيْهِ جُمْهُور الْعلمَاء أَنه لَا يعدل عَن الْخَبَر الظَّاهِر أَو النَّص إِلَى مَذْهَب الرَّاوِي وَإِن قُلْنَا إِن مَذْهَب الصَّحَابِيّ حجَّة لِأَن مَذْهَب الصَّحَابِيّ إِنَّمَا يكون حجَّة إِذا لم يُعَارضهُ قَول النَّبِي ﷺ وَظن كَونه اطلع على نَاسخ أَو دَلِيل يتَرَجَّح على هَذَا الْخَبَر وَإِن كَانَ منقدحا فَهُوَ مَرْجُوح لما سَيَأْتِي من الِاحْتِمَالَات الَّتِي تعارضه وَالظَّن الْمُسْتَفَاد من الْخَبَر أرجح مِنْهُ وعمدة الْحَنَفِيَّة فِي هَذَا الْمقَام أَن هَذَا الرَّاوِي إِمَّا أَن تكون مُخَالفَته لدَلِيل رَاجِح على هَذَا الْخَبَر أَولا لدَلِيل
فَإِن كَانَ لَا لدَلِيل لزم فسقه وَخرج عَن أَهْلِيَّة من تقبل رِوَايَته فَيسْقط الْعَمَل بِالْحَدِيثِ بِالْكُلِّيَّةِ وَالْأَصْل خلاف ذَلِك فَتعين أَن تكون الْمُخَالفَة لدَلِيل رَاجِح على هَذَا الْخَبَر وَحِينَئِذٍ فَيجب الْمصير إِلَيْهِ
1 / 91