وَلَا إِشْعَار لَهُ بالتفرق بالأقوال فضلا عَن أَن يكون احْتِمَال كل مِنْهُمَا على السوَاء فالصحابي هُنَا إِنَّمَا حمل مَا رَوَاهُ على ظَاهره الْمَفْهُوم مِنْهُ وَلَيْسَ ذَلِك هُوَ الْمَفْرُوض
وَأما الثَّانِي فَهُوَ أقرب من الأول بِدَلِيل قَوْله ﷺ فِي الحَدِيث الآخر إِنَّمَا الرِّبَا فِي النَّسِيئَة وَقَوله ﷺ لِابْنِ عمر لما سَأَلَهُ عَن اقْتِضَاء الذَّهَب عَن الْوَرق وَبِالْعَكْسِ لَا بَأْس إِذا لم تفترقا وَبَيْنك وَبَينه شَيْء فَفِي هذَيْن الْحَدِيثين مَا يَقْتَضِي أَن المُرَاد بقوله ﷺ إِلَّا هَاء وهاء مَا هُوَ الْأَعَمّ من التَّقَابُض على الْفَوْر أَو فِي الْمجْلس فَيكون حمل ﵁ لَهُ على الْمجْلس مُبينًا للمراد مِنْهُ
لَكِن لقَائِل أَن لَوْلَا هَذَانِ الحديثان لَكَانَ الظَّاهِر مِنْهُ التَّقَابُض على الْفَوْر فَيكون عمر ﵁ على خلاف الظَّاهِر مِنْهُ وَلَكِن مَعَ الْحَدِيثين تبين وَكَانَا هما الْعُمْدَة فِي تَأْوِيل قَوْله هَاء وهاء فَالْمَسْأَلَة مُحْتَملَة فِي التَّمْثِيل بهَا
وَقد قَالَ الْآمِدِيّ فِي هَذِه الصُّورَة أَعنِي مَا إِذا حمل الصَّحَابِيّ مَا رَوَاهُ من الْمُجْمل على أحد محمليه إِنَّا إِذا قُلْنَا إِن اللَّفْظ الْمُشْتَرك ظَاهر فِي جَمِيع محامله كالعام فتعود الْمَسْأَلَة إِلَى التَّخْصِيص بقول الصَّحَابِيّ وَإِن قُلْنَا بامتناع حمله على ذَلِك فَلَا نَعْرِف خلافًا فِي وجوب حمل الْخَبَر على مَا حمله الرَّاوِي عَلَيْهِ لِأَن الظَّاهِر من حَال النَّبِي ﷺ أَنه لَا ينْطق بِاللَّفْظِ الْمُجْمل بِقصد التشريع وتعريف الْأَحْكَام ويخليه عَن قرينَة حَالية أَو مقالية تعين الْمَقْصُود من الْكَلَام والصحابي الرَّاوِي الْمشَاهد للْحَال أعرف بذلك من غَيره فَوَجَبَ الْحمل عَلَيْهِ
ثمَّ أود على وَجه الِاحْتِمَال أَن تَعْيِينه لَيْسَ أولى من تعْيين غَيره من
1 / 89