أَقْوَالهم يفزع إِلَى التَّرْجِيح وَمن جملَة ذَلِك إِذا كَانَ الْقيَاس مَعَ أَحدهمَا كَمَا قَالَ الشَّافِعِي ﵀
وَقَالَ الشَّيْخ موفق الدّين فِي الرَّوْضَة إِذا اخْتلف الصَّحَابَة على قَوْلَيْنِ لم يجز للمجتهد بقول بَعضهم من غير دَلِيل خلافًا لبَعض الْحَنَفِيَّة وَبَعض الْمُتَكَلِّمين أَنه يجوز ذَلِك مَا لم يُنكر على الْقَائِل قَوْله لِأَن اخْتلَافهمْ دَلِيل على تسويغ الْخلاف وَالْأَخْذ بِكُل وَاحِد من الْقَوْلَيْنِ وَلِهَذَا رَجَعَ عمر إِلَى قَول معَاذ ﵄
قَالَ وَهَذَا فَاسد فَإِن قَول الصَّحَابِيّ لَا يزِيد على الْكتاب وَالسّنة وَلَو تعَارض دليلان من كتاب أَو سنة لم يجز الْأَخْذ بِوَاحِد مِنْهُمَا بِدُونِ التَّرْجِيح ولأنا نعلم أَن أحد الْقَوْلَيْنِ صَوَاب وَالْآخر خطأ وَلَا نعلم ذَلِك إِلَّا بِدَلِيل وَإِنَّمَا يدل اخْتلَافهمْ على تسويغ الِاجْتِهَاد فِي كلا الْقَوْلَيْنِ أما على الْأَخْذ بِهِ يَعْنِي بِدُونِ مُرَجّح فَلَا وَأما رُجُوع عمر إِلَى قَول معَاذ فَلِأَنَّهُ بَان لَهُ الْحق بدليله فَرجع إِلَيْهِ انْتهى كَلَامه
ويتحصل فِيمَا إِذا اخْتلفت أَقْوَال الصَّحَابَة ﵃ ثَلَاثَة أَقْوَال
أَحدهَا سُقُوط الحجية وَأَنه لَا يعْتَمد قَول مِنْهَا
وَالثَّانِي أَن يُؤْخَذ بِأَيّ قَول مِنْهَا يُغير تَرْجِيح
وَالثَّالِث أَنه يعدل إِلَى التَّرْجِيح وَهُوَ الْأَظْهر
وَقد حكى ابْن عبد الْبر القَوْل بالتخيير فِي الرُّجُوع إِلَى أَي قَول شَاءَ الْمُجْتَهدين من أَقْوَالهم عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَعمر بن عبد الْعَزِيز قَالَ وَعَن سُفْيَان
1 / 79