ثمَّ أجابوا عَن ذَلِك بِوَجْهَيْنِ
أَحدهَا أَن ذَلِك عَام فِي كل الْخُلَفَاء الرَّاشِدين وَلَا دَلِيل فِيهِ على انحصاره فِي الْأَرْبَعَة دون غَيرهم ﵃
وَثَانِيهمَا الْمُعَارضَة بِمَا رُوِيَ عَنهُ ﷺ أَنه قَالَ أَصْحَابِي كَالنُّجُومِ فَبِأَيِّهِمْ اقْتَدَيْتُمْ اهتديم فَتحمل سنة الْخُلَفَاء الْأَرْبَعَة فِي الحَدِيث على مَا يتَعَلَّق بالخلافة فَقَط للْجمع بَين الْأَحَادِيث كَيفَ وَمن سنتهمْ إجَازَة الْمُخَالفَة لَهُم كَمَا تقدم من رد الْمَرْأَة على عمر ﵁ فِي المغالاة بِالصَّدَاقِ وَغير ذَلِك من الصُّور الْكَثِيرَة
وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يلْزم مِنْهُ أَن يكون قَول الْوَاحِد مِنْهُم بمفرده حجَّة وَحِينَئِذٍ فتتعارض أَقْوَالهم كَمَا قد اخْتلف الشَّيْخَانِ ﵄ فِي الْعَطاء فَرَأى أَبُو بكر ﵁ تَسْوِيَة الصَّحَابَة فِيهِ كلهم وَرَأى عمر ﵁ التَّفَاضُل بَينهم بِحَسب السَّبق والقرب من النَّبِي ﷺ فيتعذر الْعَمَل بسنتهم فَيحمل حِينَئِذٍ كَمَا تقدم على أَمر الْخلَافَة وتجهيز الجيوش إِلَى الْأَمْصَار وَنَحْو ذَلِك وَهَذِه الإعتراضات كلهَا ضَعِيفَة
ولنبدأ أَولا بِبَيَان الحَدِيث الْمُتَقَدّم وتصحيحه وَوجه الدّلَالَة مِنْهُ ثمَّ نرْجِع إِلَى مَا يتَعَلَّق بِهَذِهِ الاعتراضات
روى خَالِد بن معدان عَن عبد الرحمن بن عَمْرو السّلمِيّ عَن الْعِرْبَاض ابْن سَارِيَة ﵁ قَالَ صلى بِنَا رَسُول الله ﷺ يَوْمًا صَلَاة الْفجْر ثمَّ وعظنا موعظة بليغة ذرفت مِنْهَا الْعُيُون ووجلت مِنْهَا الْقُلُوب فَقَالَ قَائِل يَا رَسُول الله كَأَنَّهَا موعظة مُودع فأوصنا قَالَ أوصيكم بتقوى الله والسمع وَالطَّاعَة وَإِن كَانَ عبدا حَبَشِيًّا فَإِنَّهُ من يَعش مِنْكُم بعدِي فسيرى اخْتِلَافا كثيرا فَعَلَيْكُم بِسنتي وَسنة الْخُلَفَاء الرَّاشِدين المهديين تمسكوا بهَا
1 / 48