ثم إنه صلوات الله عليه قد كان أجاز لي قبل هذا التاريخ مثل هذه الإجازة، أعني بالعموم الشامل، ونص على كتب منها: كتاب (شفاء الأوام) بعد أن كنت قد قرأت عليه أيده الله قطعة منه، ولله الحمد، ويسأله تمام سماعه.
ومنها: كتاب (البحر)، ومنها: كتاب (الأساس) و(الإرشاد) و(التحذير) و( جواب مسائل عبد الجبار).
واشترط علي في إجازته مطلقا ما يشترطه العلماء من حسن التأدية والضبط، فالتزمت ذلك.
هذا من فضل الله علينا وعلى الناس، {ولكن أكثر الناس لا يشكرون }.
واعلم: أن مولانا وإمام زماننا أيده الله تعالى قد أحيا الله ما اندرس من معالم علم آبائه وأجداده الذين هم سفن النجاة، وله من العناية بسائر العلوم والتحري في طرقها ما ليس لأحد من أبناء زماننا مثله، سيما علم الحديث الذي كاد يندرس في البلاد وتنمطس معالمه مع شدة الحاجة إليه، وكثرة الاعتماد عليه، وهو بفتقر إلى تصحيح الرواية، لما قد وقع من التحريف والكذب على النبي صلى الله عليه وعلى آله.
نقلت من خط مولانا أمير المؤمنين أيده الله تعالى ما لفظه: المروي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله من الأخبار غير مصون من إفك المنافقين، ووضع الفاسقين، ووهم الواهمين، ثم من حشو الملاحدة وأهل البدع والأهواء من المارقين والخوارج، وعتاة النواصب، وغلاة الروافض، وطغام المجبرة والمشبهة، وهمج القصاص والوعاظ، والحشوية وأغتام الظاهرية والكرامية والخطابية وغيرهم مما لأحصي كثرة من المسترسلين في وضع الأخبار من عوام المتفقهين ونساك [212] المتعبدين والمتصوفين والذاهبين إلى قبول المجهولين.
قال شعبة: لم يفتش أحد عن الحديث تفتيشي، فوجدت ثلثي ما وجدت كذبا.
صفحه ۵