ولا أقول لك أنك لا تذكر حديث غيرهم رأسا فينبغي ذكره زيادة في تأكيد الحجة، واستعانة على دحض الخصم بحديثه الذي يصح عنده، وهذا مقصد مهم، وإنما أردت بقولي لك أولا أنك لا تجعل حديثهم أصلا في دينك يرجع إليه ويرجحه على حديث أهل البيت عليهم السلام، فافهم أيها المسترشد موفقا.
واعلم: أنه يجب عليك التفهم لكتاب الله تعالى وما صح لك من الأخبار حتى إذا ورد عليك شيء من الحديث عرضته على ذلك، فإن وافقه ولو بتأويل من غير تعنيف قبل، وإلا أطرح، وعند ذلك يستهل عليك عبور هذا الميدان والدخول في هذا الشأن.
ولقد تكلم في ذلك الفقيه الحافظ رزين معاوية الأندلسي بكلام يشفي الأفئدة من الأوام، ويذهب عنها حزة الاضطرام، ذكره في أول كتاب تجريد الصحاح، قال ما لفظه: وأعلم أنه كما يحتج طائفة بأن هذا ليس في الصحيح، فكذا يحتج طائفة أخرى لما يرومون به الانحلال من الصحيح وغيره بنحو ما روي عن سفيان بن عيينة من قوله: الحديث فضله فضله إلا للفقهاء.
ولعمري لقد صدق على الوجه الذي قصده لا على الوجه الذي تأولوه هم عليه.
نعم: وأيضا فلو كان مما ليس له إلا وجه واحد يحمل عليه لما كان ينبغي أن يجعل قول أحد في مقابلة قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلا معترضا عليه، ولو ارتفع ما ارتفع في علمه وزمانه، وكيف وقد قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((تركت أمرين لن تضلوا ما تمسكتم: كتاب الله وسنة رسوله)).
صفحه ۱۱