إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون
وفي الشعر ما روى سيبويه:
وإلا فاعلموا أنا وأنتم
بغاة ما بقينا في شقاق
وقالت العرب: «إنهم أجمعون ذاهبون»، فخطأهم سيبويه، وهو المخطئ، كما بينا من قبل في بحث أبواب الرفع؛ فالخبر في هذا الباب تابع مرفوع كما رفع غيره من التوابع، ونظيره في الإتباع ما روى النحاة في مثل: «ليس زيد بقائم ولا قاعدا»، و«ليس زيد قائما ولا قاعد» على ما تعلمه في خبر ليس.
فهذا حكم الخبر والله أعلم.
تكملة البحث
في مواضع أجاز النحاة فيها وجهين من الإعراب
أراني قد انتهيت من تقرير ما أردت، وبينت أن للإعراب في العربية علمين: «الضمة» و«الكسرة»، وأن الضمة علم الإسناد، والكسرة علم الإضافة، واستقريت أبواب الإعراب كما عدها النحاة، ورأيت استقامة هذا الأصل معها، واطراده فيها؛ على أنه قد يسر أحكام الإعراب ومكن من الإحاطة بها على أقرب وجه وأدناه إلى توضيح سر العربية.
وقد كان في هذا بلاغ ما أردت، ولكني أردت أن أكمل البحث بدرس أبواب، أجاز النحاة فيها وجهين من الإعراب، ساووا بينهما مرة، وفضلوا وجها على الثاني في الأخرى. والأصل الذي تقرر لا يساير هذا التخيير، ولا يجيز أن يكون للكلام وجهان من الإعراب يلابس المتكلم أيهما شاء، فمتى ثبت أن للحركة أثرا في تصوير المعنى تجتلب لتحقيقه، لم يكن للمتكلم أن يعدل عن حركة إلى أخرى حتى يختلف المعنى الذي يقصد إلى تصويره، فيختلف الإعراب تبعا له. ومن ثم كانت الأبواب ذات الحكمين أو الإعرابين المختلفين، موضعا صالحا لاختبار هذا الأصل، دقيقا في تقدير مداه، وكان من تكملة البحث أن ندرس هذه الأبواب ونقيس أحكامها بحكمه، وقد رأيت أنه كشف عن سر العربية في هذه الأوجه وأبان عن سبب اختلافها، وعن صلة ما بين هذا الاختلاف ودقائق ما يراد من المعنى، وأنه ربما صحح من أحكام النحاة، أو فصل في بعض ما بينهم من خلاف. (1) باب «لا»
صفحه نامشخص