الباب الثالث: باب ما لا ينصرف
جعلوا فيه الفتحة نائبة عن الكسرة، وقد أشرنا إلى سبب ذلك من قبل، وبينا أن الفتحة لم تنب عن الكسرة، وإنما الذي كان؛ أن هذا الاسم لما حرم التنوين، أشبه - في حال الكسر - المضاف إلى ياء المتكلم إذا حذفت ياؤه، وحذفها كثير جدا في لغة العرب،
1
فأغفلوا الإعراب بالكسرة، والتجأوا إلى الفتح ما دامت هذه الشبهة، حتى إذا أمنوها بأي وسيلة عادوا إلى إظهار الكسرة، وذلك إذا بدئت الكلمة بأل، أو أتبعت بالإضافة، أو أعيد تنوينها لسبب ما، فليس مع واحد من هذه الأشياء الثلاثة شبهة الإضافة إلى ياء المتكلم كما هو واضح.
وقد عد بعض النحاة الفتحة فيما لا ينصرف حركة بناء لا حركة إعراب، وهو رأي وجيه نقول به، ويؤيد ما ذهبنا إليه.
على أن لما لا ينصرف وللتنوين منه شأنا، سنفرد لبحثه بابا خاصا، نقرر فيه غير ما قرر النحاة، ونجلي أمره إن شاء الله.
ولم يبق من العلامات الفرعية إلا باب المثنى، ونقرر أنه قد شذ عن أصلنا، ولكن باب التثنية في العربية غريب كباب العدد؛ إذ يذكر فيه المؤنث ويؤنث المذكر، ومن توسع في درس المثنى ورأى وضع العرب له مرة موضع المفرد، وأخرى موضع الجمع، تجلى له حقيقة ما نقول.
فليس يقدح شذوذ المثنى في أمر تقرر في سائر العربية واستقام في كل أبوابها.
التوابع
المماثلة بين الكلمات العربية ، ومشاكلة الكلمة لسابقتها، أمر كثير شائع. وأنواع السجع في النثر، والقافية في الشعر، والفواصل في آي الكتاب الحكيم، كلها شاهدة بأن الانسجام، والتماثل بين الكلمات، من الموسيقى العربية وجمالها المرعي.
صفحه نامشخص