أن يغني منها لحنين كل مساء لفيليب الخامس ملك أسبانيا مدة عشر سنوات!
ولقد نشأت بمرور الزمن وتقوت «مدارس» الأوپرا الثلاث هذه: وهي المدرسة الإيطالية فالفرنسية فالألمانية، وتكاد تكون جميع الأوپرات الأخرى تابعة لها، بل وربما لم يكن لها النضوج الكافي لتستحق شخصية ممتازة واستقلالا في الاعتبار. فمثلا لا تزال الأوپرا الصميمة متعثرة في إنجلترا حيث يميل جمهورها كل الميل إلى الأوپريت أو إلى أنواع مشتقة منها (Musical Comedies) ، وإن كان نورها قد ظهر في إنجلترا في القرن السابع عشر حيث كان يمثل في لندن نوع من الأوپرا بإدارة السير وليم داڨنانت (Sir William Davenant)
حوالي سنة 1684م، وقد مثلت في سنة 1711م. قصة (رينالدو
Rinaldo ) لهاندل (Handel)
في مسرح هييماركت (Haymarket)
بلندن، كما مثلت في سنة 1727م للمرة الأولى (أوپرا الشحاذ
Beggar’s Opera ) للفنان جيي (Gay) ، واستدعى الإقبال عليها أن تمثل ثلاثا وستين ليلة متلاحقة! واشتهر بالأوپرات الخفيفة في إنجلترا السير أرثر سليڨان (Sir Arthur Sullivan) ، كما جاهد المصلح الكبير هاندل (Handel) ، وكما وجدت من قبل آثار هنري برسل (Henry Purceil)
الذي لحن 42 قصة بينها عدد من الأوپرات الوافية، ولكن رغم هذا الجهد لا يزال الشعب البريطاني أميل إلى الأوپرات الأجنبية، وعلى الأخص إلى الأوپرات الألمانية، وهذا من عوامل تأخر الأوپرا الوطنية في إنجلترا. (3) مذاهب الأوپرا
مذاهب الأوپرا - أو مدارسها - كما أسلفنا ثلاثة: الإيطالية والفرنسية والألمانية. فأما الإيطالية فهي ولا شك أغرقها في الطرب وأكثرها عذوبة، وهذا الإطراب هو وحده الكفيل بأسر الحواس المفتونة، فإن قصرت من هذه الوجهة لم تكن نغماتها إلا مدغدغة للأذن، مسيئة إلى المدارك السليمة، على رأي جوستاف كوبي (Gustav Kobbé) ، ولم يكن المؤلفون الإيطاليون يعنون في بادئ الأمر بغير الغناء فكانت قصصهم جوفاء، لا قيمة أدبية ولا فنية لها، وكان الملحنون ينزعون إلى إخضاع التأليف إخضاعا للغناء بدل الجمع المتناسب بينهما، إذ كان كل غرضهم إرضاء المغنين فقط. ولكن النزعة الفكرية الإصلاحية الأولى التي وضع أساسها جلك (Gluck)
في قصة أورفياس ويوريديس السالفة الذكر والتي تبعه فيها للي (Lully)
صفحه نامشخص