القائل: "العين ما عليها شرع"! هو القاعدة المتبعة، في حين نجد الإسلام يحاسب عليها، ويضع لها حدودًا يجب أن لا تتعداها، بقول الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ﴾ [النور: ٣٠].
ويقول: ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ﴾ [النور: ٣١].
فالآية صريحة في أن غضَّ البصر أصل لحفظ الفرج، لذلك كان تحريم النظر تحريم الوسائل، فيباح للمصلحة، كالنظر للمخطوبة مثلًا، ويحرم إذا حنيف منه الفساد، وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة.
والأمر بغضِّ البصر يعني صرفه عمَّا حرَّم الله النظر إليه مخافة الوقوع في المعصية، ومعلوم أن العين بريد القلب، تنقل إليه الصور التي تحرِّك شهوته وإرادته، ولذلك إذا غضَّ العبدُ بصرَه، كفَّ القلبُ شهوتَه وإرادته، وإذا أطلق بصره، أطلق القلبُ شهوته .. ولهذا منع النبيُّ ﷺ الفضل بن عباس ﵄ من النظر إلى الظعن التي مرت به تجرين؛ حتى لا يؤدِّي به ذلك إلى تحريك شهوة القلب.
روى الإِمام البخاري في صحيحه: "أن الفضل بن عباس ﵄ كان رديف رسول الله ﷺ يوم النحر من مزدلفة إلى منى، فمرت ظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فحوَّل رسول الله ﷺ رأسه إلى الشقِّ الآخر".
وهذا يعني: أنَّ النبيَّ ﷺ منعه من النظر الذي كان منه، ولو كان جائزًا لأقرَّه عليه.
وروى الإِمام مسلم: عن أبي هريرة ﵁: أن رسول الله ﷺ قال: "إنَّ الله كتبَ على ابن آدم حظَّه من الزنى أدرك ذلك لا محالة، فزنى العينين النظر، وزنى اللِّسانِ النطق، والنفس تتمنَّى ذلك وتشتهي، والفرجُ يصدِّق ذلك أو يكذّبه".
1 / 48