رواية ودراية .. وأصبح من المشهور لدى المشارقة أن المغاربة لم يظهر لهم نجم في علم الحديث، وإنما انصبَّتْ دراساتهم على علم الفروع فقط.
ولذلك وجب على الباحث المغربي أن يتَّجه إلى تراث أسلافه الكرام، ليقيم في ضوئه دراسات وبحوثًا، ويظهر من خلالها المكانة العلمية التي انتهى إليها المغاربة في جميع العلوم، ومنها علم الحديث .. والإهتمام بمثل شخصية ابن القطان يكشف النقاب عن حقيقة المغاربة في الميدانِ العلميِّ، وما خلّفه علماؤه الأمجاد من التراث الخالد.
وشخصية ابن القطان ظلَّت مجهولة عند العديد من المهتمِّين بالتراجم والدراسات حتَّى إنَّ بعضهم يحسبه من حفّاظ المشرق.
والذين وقفوا على إنتاجه العلميِّ من علماء المشرق كالحافظ الذهبيِّ، والحافظ العراقيِّ، والحافظ ابن حجر، يربطون بين شخصيته وبين ذلك الإِنتاج، ويعدُّونه من الحفّاظ المغاربة الذين اشتهروا في القرن السادس والسابع بالمشاركة والتطلُّع في جميع العلوم كالحديث والفقه والأصول والتاريخ والتفسير والعربية.
وقد اهتم ابن عبد الملك في "الذيل والتكملة" بإنتاجه العلميِّ، فقال بعد أن ذكر عددًا من مؤلفاته: "إلى غير ذلك من المعلقات والفوائد في التفسير والحديث، والفقه وأصوله، والكلام والآداب، والتواريخ والأخبار".
وقد وصفه ابن الأبار بقوله: "وكان من أبصر الناس بصناعة الحديث، وأحفظهم لأسماء رجاله، وأشدهم عناية بالرواية" (١).
وأضاف ابن القاضي في "جذوة الإقتباس" إلى ما نقله عن ابن الأبار في ابن القطان: "مع التفنن في المعرفة والدراية" (٢).
_________
(١) التكملة، طبعة مدريد، رقم (١٩٢٠).
(٢) جذوة الإقتباس، ص: ٢٩٩.
1 / 35