احکام الاحکام شرح عمده الاحکام

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
69

احکام الاحکام شرح عمده الاحکام

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ناشر

مطبعة السنة المحمدية

ژانرها

علوم حدیث
٢٨ - الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ، وَهُوَ جُنُبٌ، قَالَ: فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ، فَذَهَبْتُ فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ جِئْتُ، فَقَالَ: أَيْنَ كُنْتَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ قَالَ: كُنْتُ جُنُبًا، فَكَرِهْتُ أَنْ أُجَالِسُكَ وَأَنَا عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، إنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ» . ــ [إحكام الأحكام] الْكَلَامِ، وَلَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ الْوَاحِدِ فِي مَعْنَيَيْنِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الْمَاءِ الدَّائِمِ، وَلَا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنْ الْجَنَابَةِ» حَيْثُ اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ عَلَى أَنَّ اغْتِسَالَ الْجُنُبِ فِي الْمَاءِ يُفْسِدُهُ، لِكَوْنِهِ مَقْرُونًا بِالنَّهْيِ عَنْ الْبَوْلِ فِيهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. [بَابُ الْجَنَابَةِ] [حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْمَدِينَةِ] " الْجَنَابَةُ " دَالَّةٌ عَلَى مَعْنَى الْبُعْدِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْجَارِ الْجُنُبِ﴾ [النساء: ٣٦] وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا سُمِّيَ " جُنُبًا " مِنْ الْمُخَالَطَةِ، وَمِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ: أَجْنَبَ الرَّجُلُ، إذَا خَالَطَ امْرَأَتَهُ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَكَأَنَّ هَذَا ضِدٌّ لِلْمَعْنَى الْأَوَّلِ، كَأَنَّهُ مِنْ الْقُرْبِ مِنْهَا، وَهَذَا لَا يَلْزَمُ، فَإِنَّ مُخَالَطَتَهَا مُؤَدِّيَةٌ إلَى الْجَنَابَةِ الَّتِي مَعْنَاهَا الْبُعْدُ، عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ، وَقَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ " فَانْخَنَسْتُ مِنْهُ " الِانْخِنَاسُ: الِانْقِبَاضُ وَالرُّجُوعُ، وَمَا قَارَبَ ذَلِكَ مِنْ الْمَعْنَى، يُقَالُ " خَنَسَ " لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا، فَمِنْ اللَّازِمِ: مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ فِي ذِكْرِ الشَّيْطَانِ «فَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ خَنَسَ» وَمِنْ الْمُتَعَدِّي: مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ «وَخَنَسَ إبْهَامَهُ» أَيْ قَبَضَهَا، وَقِيلَ: إنَّهُ يُقَالُ " أَخْنَسَهُ " فِي الْمُتَعَدِّي، ذَكَرَهُ صَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ «فَانْبَجَسْتُ مِنْهُ» بِالْجِيمِ، مِنْ الِانْبِجَاسِ، وَهُوَ الِانْدِفَاعُ، أَيْ انْدَفَعْتُ عَنْهُ، وَيُؤَيِّدُهُ: قَوْلُهُ فِي

1 / 127