احکام الاحکام شرح عمده الاحکام

Ibn Daqiq al-'Id d. 702 AH
67

احکام الاحکام شرح عمده الاحکام

إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام

ناشر

مطبعة السنة المحمدية

ژانرها

علوم حدیث
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . ــ [إحكام الأحكام] وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، لِمَا عَسَاهُ يَحْصُلُ تَحْتَهَا مِنْ الْوَسَخِ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إلَى الْبَشَرَةِ، وَهَذَا عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا يَخْرُجَ طُولُهَا عَنْ الْعَادَةِ خُرُوجًا بَيِّنًا، وَهَذَا الَّذِي أَشَرْنَا إلَى أَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى تَحْصِيلِ الطَّهَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى أَكْمَلِ الْوُجُوهِ، فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ طُولُهَا عَنْ الْعَادَةِ يُعْفَى عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ يَسِيرِ الْوَسَخِ، وَأَمَّا إذَا زَادَ عَلَى الْمُعْتَادِ: فَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَوْسَاخِ مَانِعٌ مِنْ حُصُولِ الطَّهَارَةِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ: الْإِشَارَةُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى. [نَتْفُ الْآبَاطِ] وَ" نَتْفُ الْآبَاطِ " إزَالَةُ مَا نَبَتَ عَلَيْهَا مِنْ الشَّعْرِ بِهَذَا الْوَجْهِ، أَعْنِي النَّتْفَ، وَقَدْ يَقُومُ مَقَامَهُ مَا يُؤَدِّي إلَى الْمَقْصُودِ، إلَّا أَنَّ اسْتِعْمَالَ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ السُّنَّةُ أَوْلَى، وَقَدْ فَرَّقَ لَفْظُ الْحَدِيثِ بَيْنَ إزَالَةِ شَعْرِ الْعَانَةِ وَإِزَالَةِ شَعْرِ الْإِبْطِ، فَذَكَرَ فِي الْأَوَّلِ " الِاسْتِحْدَادَ " وَفِي الثَّانِي " النَّتْفَ " وَذَلِكَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى رِعَايَةِ هَاتَيْنِ الْهَيْئَتَيْنِ فِي مَحِلِّهِمَا، وَلَعَلَّ السَّبَبَ فِيهِ: أَنَّ الشَّعْرَ بِحَلْقِهِ يَقْوَى أَصْلُهُ، وَيَغْلُظُ جُرْمُهُ، وَلِهَذَا يَصِفُ الْأَطِبَّاءُ تَكْرَارَ حَلْقِ الشَّعْرِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُرَادُ قُوَّتُهُ فِيهَا، وَالْإِبْطُ إذَا قَوِيَ فِيهِ الشَّعْرُ وَغَلُظَ جُرْمُهُ كَانَ أَفْوَحَ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ الْمُؤْذِيَةِ لِمَنْ يُقَارِبُهَا، فَنَاسَبَ أَنْ يُسَنَّ فِيهِ النَّتْفُ الْمُضْعِفُ لِأَصْلِهِ، الْمُقَلِّلُ لِلرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، وَأَمَّا الْعَانَةُ: فَلَا يَظْهَرُ فِيهَا مِنْ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ مَا يَظْهَرُ فِي الْإِبْطِ، فَزَالَ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلنَّتْفِ، رُجِعَ إلَى الِاسْتِحْدَادِ؛ لِأَنَّهُ أَيْسَرُ وَأَخَفُّ عَلَى الْإِنْسَانِ مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ، وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي حُكْمِ الْخِتَانِ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْجَبَهُ، وَهُوَ الشَّافِعِيُّ، وَمِنْهُمْ جَعَلَهُ سُنَّةً، وَهُوَ مَالِكٌ وَأَكْثَرُ أَصْحَابِهِ [هَذَا فِي الرِّجَالِ، وَأَمَّا فِي النِّسَاءِ: فَهُوَ مَكْرُمَةٌ عَلَى مَا قَالُوا]، وَمَنْ فَسَّرَ " الْفِطْرَةَ " بِالسُّنَّةِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي كَوْنِهِ غَيْرَ وَاجِبٍ لِوَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ السُّنَّةَ تُذْكَرُ فِي مُقَابَلَةِ الْوَاجِبِ. وَالثَّانِي: أَنَّ قَرَائِنَهُ مُسْتَحَبَّاتٌ،

1 / 125