. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[إحكام الأحكام]
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْتَصَّ الرَّفِيقَانِ مَعًا بِالْمُقَرَّبِينَ الْمَرْضِيِّينَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَرَاتِبَهُمْ مُتَفَاوِتَةٌ، فَيَكُونُ ﷺ طَلَبَ أَنْ يَكُونَ فِي أَعْلَى مَرَاتِبِ الرَّفِيقِ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ مِنْ السُّعَدَاءِ الْمَرْضِيِّينَ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُطْلَقُ " الرَّفِيقُ " بِالْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ الَّذِي يَعُمُّ كُلَّ رَفِيقٍ، ثُمَّ يُخَصُّ مِنْهُ " الْأَعْلَى " بِالطَّلَبِ، وَهُوَ مُطْلَقُ الْمَرْضِيِّينَ، وَيَكُونُ " الْأَعْلَى " بِمَعْنَى الْعَالِي، وَيُخْرِجُ عَنْهُ غَيْرَهُمْ، وَإِنْ كَانَ اسْمُ " الرَّفِيقِ " مُنْطَلِقًا عَلَيْهِمْ.
[الِاسْتِيَاكُ عَلَى اللِّسَانِ] ١
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: فَفِيهِ أَمْرَانِ:
أَحَدُهُمَا: الِاسْتِيَاكُ عَلَى اللِّسَانِ وَاللَّفْظُ الَّذِي أَوْرَدَهُ صَاحِبُ الْكِتَابِ - وَإِنْ كَانَ لَيْسَ بِصَرِيحٍ فِي الِاسْتِيَاكِ عَلَى اللِّسَانِ - فَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ، وَالْعِلَّةُ الَّتِي تَقْتَضِي الِاسْتِيَاكَ عَلَى الْأَسْنَانِ مَوْجُودَةٌ فِي اللِّسَانِ، بَلْ هِيَ أَبْلَغُ وَأَقْوَى، لِمَا يَرْتَقِي إلَيْهِ مِنْ أَبْخِرَةِ الْمَعِدَةِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ الِاسْتِيَاكُ عَرْضًا، وَذَلِكَ فِي الْأَسْنَانِ، وَأَمَّا فِي اللِّسَانِ: فَقَدْ وَرَدَ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " الِاسْتِيَاكُ فِيهِ طُولًا ".
[اسْتِيَاك الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ] ١
الثَّانِي: تَرْجَمَ الْبُخَارِيُّ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بِاسْتِيَاكِ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ فَقَالَ: " بَابُ اسْتِيَاكِ الْإِمَامِ بِحَضْرَةِ رَعِيَّتِهِ "، قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الشَّارِحُ تَقِيُّ الدِّينِ ﵀: وَالتَّرَاجِمُ الَّتِي يُتَرْجِمُ بِهَا أَصْحَابُ التَّصَانِيفِ عَلَى الْأَحَادِيثِ، إشَارَةً إلَى الْمَعَانِي الْمُسْتَنْبَطَةِ مِنْهَا: عَلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ مِنْهَا: مَا هُوَ ظَاهِرٌ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ، مُفِيدٌ لِفَائِدَةٍ مَطْلُوبَةٍ، وَمِنْهَا: مَا هُوَ خَفِيُّ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ، بَعِيدٌ مُسْتَكْرَهٌ، لَا يَتَمَشَّى إلَّا بِتَعَسُّفٍ، وَمِنْهَا: مَا هُوَ ظَاهِرُ الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُرَادِ، إلَّا أَنَّ فَائِدَتَهُ قَلِيلَةٌ لَا تَكَادُ تُسْتَحْسَنُ، مِثْلُ مَا تُرْجِمَ " بَابُ السِّوَاكِ عِنْدَ رَمْيِ الْجِمَارِ " وَهَذَا الْقِسْمُ - أَعْنِي مَا لَا تَظْهَرُ مِنْهُ الْفَائِدَةُ - يَحْسُنُ إذَا وُجِدَ مَعْنًى فِي ذَلِكَ الْمُرَادِ يَقْتَضِي
1 / 111