اغوای تاورنیک
إغواء تافرنيك
ژانرها
الجزء الأول
1 - اليأس والاهتمام
2 - عشاء ثنائي
3 - لقاء مزعج
4 - فطور مع بياتريس
5 - تقديم السيدة وينهام جاردنر
6 - أسئلة وأجوبة
7 - السيد بريتشارد من نيويورك
8 - فتنة امرأة
9 - الحبكة تزداد تعقيدا
صفحه نامشخص
10 - متعة المعركة
11 - عرض مذهل
12 - تافرنيك يزل
13 - زيارة مسائية
14 - تحذير من السيد بريتشارد
15 - استياء عام
16 - عرض زواج
17 - الشرفة في إيمانو
18 - مغامرة منتصف الليل
19 - تورط تافرنيك
صفحه نامشخص
20 - لقاء ممتع
21 - نصيحة سديدة
22 - عشاء مع إليزابيث
23 - في مهمة شهامة
24 - أقرب إلى المأساة
25 - المجنون يتحدث
26 - أزمة
27 - تافرنيك يختار
الجزء الثاني
1 - آفاق جديدة
صفحه نامشخص
2 - الحياة البسيطة
3 - لقاء الأصدقاء القدامى
4 - أخبار بريتشارد السارة
5 - بياتريس ترفض
6 - تأخر الفهم
7 - في بلد بكر
8 - العودة إلى الحضارة
9 - على الدوام
الجزء الأول
1 - اليأس والاهتمام
صفحه نامشخص
2 - عشاء ثنائي
3 - لقاء مزعج
4 - فطور مع بياتريس
5 - تقديم السيدة وينهام جاردنر
6 - أسئلة وأجوبة
7 - السيد بريتشارد من نيويورك
8 - فتنة امرأة
9 - الحبكة تزداد تعقيدا
10 - متعة المعركة
11 - عرض مذهل
صفحه نامشخص
12 - تافرنيك يزل
13 - زيارة مسائية
14 - تحذير من السيد بريتشارد
15 - استياء عام
16 - عرض زواج
17 - الشرفة في إيمانو
18 - مغامرة منتصف الليل
19 - تورط تافرنيك
20 - لقاء ممتع
21 - نصيحة سديدة
صفحه نامشخص
22 - عشاء مع إليزابيث
23 - في مهمة شهامة
24 - أقرب إلى المأساة
25 - المجنون يتحدث
26 - أزمة
27 - تافرنيك يختار
الجزء الثاني
1 - آفاق جديدة
2 - الحياة البسيطة
3 - لقاء الأصدقاء القدامى
صفحه نامشخص
4 - أخبار بريتشارد السارة
5 - بياتريس ترفض
6 - تأخر الفهم
7 - في بلد بكر
8 - العودة إلى الحضارة
9 - على الدوام
إغواء تافرنيك
إغواء تافرنيك
تأليف
إدوارد فيليبس أوبنهايم
صفحه نامشخص
ترجمة
هبة عبد العزيز غانم
مراجعة
هبة عبد المولى أحمد
الجزء الأول
الفصل الأول
اليأس والاهتمام
وقفا على سطح نزل بلندن في حي ميدان راسل - إحدى تلك الاستراحات القاتمة، التي يلجأ إليها القلة البائسة من عابري المحيط الأطلنطي والبريطانيون الفقراء. كانت الفتاة، التي مثلت النوع الأول، تتكئ على السور الواهن، بوجه تغمره الكآبة وعينين جامدتين كما لو كانت تثبتهما على المشهد البانورامي المحبط متأملة إياه. ووقف الشاب، الإنجليزي بلا أدنى شك، مستندا إلى المدخنة على بعد بضع أقدام، يراقب رفيقته. لم يكسر حاجز الصمت بينهما شيء بعد، منذ أن تسللت من غرفة المعيشة المتهالكة في الدور السفلي، حيث كانت سيدة متوردة تصدح بصوت أجش بأغنية قصيرة من أغاني قاعات الموسيقى. ودون أن ينبس ببنت شفة سار هو في أعقابها. كانا شبه غريبين، باستثناء كلمة أو اثنتين من التحية التي تقتضيها آداب اللياقة في المكان. ومع ذلك فقد قبلت تجسسه عليها دون أي اعتراض بكلمة أو بنظرة. لقد تبعها لغرض محدد للغاية. كان يسائل نفسه، هل استنتجت هذا الغرض؟ لم تكن قد أدارت رأسها أو تعطفت عليه بأي سؤال أو ملاحظة منذ أن شق طريقه في أعقابها مباشرة عبر الباب المؤدي إلى السطح. ومع ذلك فقد تراءى له أنها لا بد قد خمنت.
أسفل منهما، امتدت أسطح منازل، وأبراج ومداخن مكللة بالدخان، بعيدا إلى الأفق الغامض المخضب بحمرة الدم، في منظر بانورامي بدا مثل صورة متخيلة لمدينة مرسومة. حتى وهما يقفان هناك، تلطخت السماء بلون أعمق، وبدأت الشمس الغاضبة تغرق في كتل السحب الكثيفة المتراكمة. كانت الفتاة تراقب المشهد بتجهم، وفي الوقت نفسه باستغراق واهتمام. كانت عيون رفيقها لا تزال مثبتة كلية عليها بنظرة ناقدة متفحصة. تساءل من تكون؟ لماذا غادرت بلدها لتأتي إلى مدينة يبدو أنها لا يوجد لها فيها أي أصدقاء، ولا مصالح؟ في ذلك النزل الذي يلجأ إليه المسافرون المنكوبون، كادت تكون شخصية غير ملحوظة، صامتة، محجمة عن المحادثة، ولم تكن جذابة بأي شكل من الأشكال. ملابسها، على الرغم من أنه بدا أنها فصلت على يد واحدة من خياطات الدرجة الأولى، فقد كانت رثة وغير عصرية، حتى إن أناقتها المفرطة كانت في حد ذاتها مثيرة للشفقة. كانت نحيفة، لكنها لا تخلو من خفة حركة حيوية تتناقض دائما مع عينيها المتعبتين، وإحساسها الدائم بالاكتئاب. وعلاوة على ذلك، كانت متمردة. كان هذا واضحا في أسلوبها، وظاهرا في تعبيراتها العدائية المتجهمة، وفي عينيها اللتين تشعان نارا. كانت تمسك بوجهها الطويل، الذي يميل إلى النحافة، بين يديها، بينما يستقر مرفقاها على حاجز الشرفة المبني بالطوب. حدقت في ذلك العالم من الضباب الدامي، والمباني البشعة القبيحة، والألوان الغريبة الفاقعة؛ وأنصتت إلى مزيج فظ صارخ متواصل من الأصوات، كأنه أنين عالم عار - وكانت طوال الوقت تبدو وكأنها تكره الشيء الذي تنظر إليه.
قرر تافرنيك، الذي لم يرض فضوله بشأن رفيقته بعد، أن الوقت قد حان للحديث. وتقدم خطوة إلى الأمام نحو السطح. وحتى ذلك الحين كان مترددا إلى أن أقدم في النهاية على التقدم إلى الأمام. فيما يتعلق بمظهره، لم يكن هناك ما يلفت النظر فيما عدا الإحساس العام بالتصميم الذي ميز ملامحه غير المميزة. كان طوله يزيد بقليل عن المتوسط، وكان عريض المنكبين، ذا شعر أسود وكثيف لدرجة يصعب عليه معها تصفيفه بشكل أنيق. كان يرتدي قميصا مهترئا نوعا ما وربطة عنق غير مناسبة؛ وكان حذاؤه ثقيلا غير متقن الصنع، وكان يرتدي أيضا بذلة من الملابس الجاهزة ويبدو امرأ يعرف أنها جاهزة ولم تحك له خصوصا ويرضى بها كما هي. سوف يجده الأشخاص العصبيون أو الحساسون، بلا شك، شخصا مستفزا، باستثناء أنه كان يتمتع بهبة معينة منحه الله إياها - تركيز يكاد يضاهي تركيز نابليون على أمور اللحظة العابرة - وكانت هذه الهبة في حد ذاتها مثيرة للإعجاب، وأدت بطريقة ما إلى التقليل من حدة نقده.
صفحه نامشخص
تكلم أخيرا وقال: «فيما يتعلق بهذا السوار!»
حركت رأسها ونظرت إليه. لو أنه كان شابا أقل ثقة، لاستدار وهرب. ولكن ليس تافرنيك من يفعل ذلك. عندما يكون متأكدا من رسوخ موقفه، لا يمكن أن يتزحزح عنه. كانت عيناها تقدحان شررا، لكن ذلك لم يهز فيه شعرة.
واصل حديثه قائلا: «رأيتك تأخذينه من المنضدة الصغيرة بجوار البيانو، كما تعلمين. كان تصرفا أهوج للغاية. كانت السيدة فيتزجيرالد تبحث عنه قبل أن أبلغ السلم. أتوقع أنها قد اتصلت بالشرطة بالفعل الآن.»
أدخلت يدها ببطء إلى أعماق جيبها وأخرجتها. كان ثمة شيء يومض للحظة فوق رأسها. أمسك الشاب بمعصمها في الوقت المناسب بقبضة حديدية حقيقية. ثم ومضت في عينيها نيران الشر، وأضاء بياض أسنانها، وأخذ صدرها يعلو ويهبط في عاصفة من التنهدات الصامتة الغاضبة. كانت عيناها جافتين ولا تزال عاجزة عن الكلام، لكنها رغم كل ذلك كانت كالنمرة. كونا معا صورة ظلية غريبة فوق أسطح المنازل، مع خلفية السماء الفارغة، وأقدامهما تغوص في السطح الدافئ للنزل.
قال: «أعتقد أن من الأفضل أن آخذه. اتركيه.»
تخلت أصابعها عن السوار ... كان شيئا مبهرجا سيئ التصميم من الياقوت والماس. فنظر إليه باستهجان.
قال وهو يدسه في جيبه: «إنه لشيء قبيح لا يستحق أن تدخلي السجن من أجله. لقد كان فعلا غبيا، على أية حال، كما تعلمين. لم يكن من الممكن أن تفلتي من العقاب، إلا إذا ...» وأضاف وهو ينظر من جديد إلى حاجز الشرفة كما لو كانت قد راودته فكرة مفاجئة: «إلا إذا كان لديك شريك بالأسفل.»
سمع صوت رفرفة تنورتها ولكنه وصل في الوقت المناسب تماما. لم يكن ثمة شيء يمكن أن ينقذها، في الواقع، بخلاف ما أبداه من قدر كبير من حضور الذهن وقدرة هائلة على استغلال القوة كانا يفاجئان معارفه طول الوقت. أدى صراعهما على حافة السطح إلى زحزحة طوبة من السور، فاندفعت ساقطة إلى الشارع. توقف كلاهما لمشاهدتها، بينما لا تزال ذراعاه تمسكانها وإحدى قدميه تضغط على قضيب حديدي. وفور أن رأيا الطوبة تسقط دون أن تصيب أحدا في الطريق غمر هذا الشاب البارد الطبع شعور جديد. فلأول مرة في حياته، أدرك أنه من الممكن أن يشعر ببعض العاطفة الممتعة في القرب الشديد من كائن من الجنس الآخر. لذلك، فعلى الرغم من أنها توقفت عن المقاومة، فقد أبقى على ذراعيه تطوقانها، ناظرا إلى وجهها باهتمام شديد، ولكن على نحو تحليلي أكثر من كونه عاطفيا، وكأنه يسعى لاكتشاف معنى هذا الخفقان الغريب في قلبه. وهي نفسها، كما لو كانت منهكة، بقيت سلبية تماما، ترتجف قليلا في قبضته وتلتقط أنفاسها مثل حيوان مطارد حانت ساعته الأخيرة. التقت عيونهما. بعدها انتزعت نفسها من قبضته مبتعدة.
قالت عمدا: «أنت شخص بغيض ... شخص بغيض متطفل. أنا أمقتك.»
أجاب: «أعتقد أننا سننزل الآن.»
صفحه نامشخص
رفع الباب المؤدي إلى السطح ونظر إليها نظرة ذات معنى. لملمت تنورتها ومرت عبره دون أن تنظر إليه. نزلت بخفة على السلم الخشبي ونزلت دون تردد أيضا مجموعة من درجات سلم العلية غير المفروشة بالسجاد. ومع ذلك، انتظرته عند منبسط السلم بتردد واضح.
سألت دون أن تنظر إليه: «هل سترسل في طلب الشرطة؟»
أجاب: «لا.» «ولم لا؟» «إذا كنت قد قصدت الإبلاغ عنك، فقد كان علي أن أخبر السيدة فيتزجيرالد في الحال بأنني قد رأيتك تأخذين سوارها، بدلا من أن أتبعك إلى السطح.»
واصلت وهي لا تزال تشيح بنظرها عنه، ولا تزال نبرة صوتها لا تنم عن أدنى درجات التقبل: «هل تمانع في إخباري بما تنوي فعله إذن؟»
أخرج السوار من جيبه ووازنه على إصبع يده.
قال: «سأقول إنني أخذته كنوع من الدعابة.»
فترددت.
وحذرته قائلة: «السيدة فيتزجيرالد لا تتميز بحس الدعابة إلى هذه الدرجة.»
ووافقها على ذلك قائلا: «ستكون غاضبة جدا بالطبع، لكنها لن تصدق أنني قصدت سرقته.»
تحركت الفتاة ببطء خطوات قليلة.
صفحه نامشخص
قالت متجهمة وهي لا تزال تشيح بوجهها عنه: «أعتقد أنه ينبغي لي أن أشكرك. لقد كنت مهذبا جدا بحق. أنا ممتنة للغاية.»
سألها: «ألن تنزلي؟»
أجابت: «ليس الآن. سأذهب إلى غرفتي.»
نظر نحو منبسط السلم الذي وقفا عليه، إلى الأرضية البائسة غير المفروشة بالسجاد، والأبواب المطلية على نحو رديء، التي برز عليها الورنيش العتيق في بثور، وفوضى علب الماء الساخن المتهالكة، وممسحة، ومزيج من المكانس والخرق ملقاة جميعا معا في أحد الأركان.
وقال: «لكن هذه أماكن إقامة الخدم بالتأكيد.»
قالت له، وهي تدير مقبض أحد الأبواب وتتوارى خلفه: «إنها جيدة بما يكفي بالنسبة إلي؛ غرفتي هنا.» بدت له الإدارة الفورية للمفتاح في الباب شيئا فظا بعض الشيء.
هبط تافرنيك ثلاث مجموعات من درجات السلم والسوار في يده، ثم دخل غرفة المعيشة الخاصة بالفندق الذي تديره السيدة ريثبي لورانس، التي شغل زوجها يوما ما منصبا مرموقا في الهيئة التجارية لبلده، وقد عرف ذلك من تكرارها الدائم لهذه الحقيقة. كان من الواضح أن الصخب والانزعاج الناجمين عن اختفاء السوار في ذروتيهما. كان هناك ما لا يقل عن عشرة أشخاص في الغرفة ، معظمهم كانوا واقفين. وكانت السيدة فيتزجيرالد هي الشخصية المحورية بينهم جميعا، وكانت ضخمة ومتوردة، ذات شعر أصفر بدا واضحا من درجات لونه المتعددة أنها قد صبغته بالبيروكسيد؛ سيدة من النوع الجريء، كانت قد تركت بصمتها في وقت ما في قاعات الموسيقى، لكنها الآن متزوجة زواجا سعيدا من وكيل تجاري متجول، نادرا ما يكون موجودا. وكانت السيدة فيتزجيرالد تتحدث.
قالت مؤكدة بشدة: «في أي نزل محترم يا سيدة لورانس، قد تحدث السرقات أحيانا، أعترف بذلك، في أماكن إقامة الخدم، وفي ظل كل الإغراءات التي تغويهم، هؤلاء الكائنات المسكينة، ليس هذا بشيء غريب يستحق التساؤل بشأنه. ولكن لم يحدث لي شيء مثل هذا من قبل ... أن تؤخذ مني مجوهرات كانت أمام ناظري تقريبا في غرفة معيشة في نزل من المفترض أن يكون جيد الإدارة. وتذكري أنه لم تدخل الغرفة أي خادمة من اللحظة التي خلعتها فيها إلى أن قمت من على البيانو ولم أجدها في مكانها. إنهم نزلاؤك الذين ينبغي أن تعتني باختيارهم، يا سيدة لورانس، وإن كان يؤسفني قول ذلك.»
وهنا تمكنت السيدة لورانس، خلال اللحظة التي عانت فيها الضحية من صعوبة في التقاط أنفاسها، من أن تقاطعها محتجة وعيناها مغرورقتان بالدموع.
واحتجت باستضعاف قائلة: «أنا متأكدة تماما من عدم وجود أي شخص في هذا النزل يمكن أن يحلم بسرقة أي شيء مهما كانت قيمته. أنا أدقق كثيرا بشأن اختيار زبائني.»
صفحه نامشخص
واصلت السيدة فيتزجيرالد بذلاقة لسان متزايدة: «قيمته، حقا! أود أن أفهمك أنني لست من أولئك الذين يرتدون مجوهرات عديمة القيمة. لقد كلفني هذا السوار خمسة وثلاثين جنيها، ولو كان زوجي في البلد، لكنت أريتك الإيصال.»
ثم حدثت مقاطعة أثارت انتباههم بطريقة تكاد تكون تراجيدية. توقفت السيدة فيتزجيرالد فجأة عن حديثها المتدفق، بينما لا يزال فمها مفتوحا، ووقفت وعيناها المكحلتان مثبتتان على الشخص المتبلد الحس الرابط الجأش الذي يقف في المدخل. وكان الجميع يحدقون في الاتجاه نفسه. كان تافرنيك يحمل السوار في راحة يده.
كرر قولها: «خمسة وثلاثين جنيها! لو كنت أعرف أنه يساوي كل هذا المبلغ، ما كنت لأتجرأ على لمسه، في رأيي.»
شهقت السيدة فيتزجيرالد قائلة: «أنت ... أنت أخذته!»
اعترف قائلا: «أخشى أنها كانت مجرد مزحة خرقاء. أعتذر، يا سيدة فيتزجيرالد. آمل أنك لم تتخيلي حقا أنه قد سرق.»
كان إنهاء الواقعة بهذه الطريقة مخيبا للآمال. أصيب معظم الأشخاص غير المعنيين بشكل مباشر بالإحباط؛ فقد سلبت منهم الإثارة، وأحبطت آمالهم في حدوث خاتمة مأساوية. أما السيدة لورانس فقد بدا الارتياح بوضوح على وجهها المرهق. ومن ناحية أخرى، انتزعت السيدة ذات الشعر الأصفر، التي نجحت الآن في ضبط أنفاسها أثناء شعورها بأقصى درجات الغضب، السوار من أصابع الشاب وقد توردت وجنتاها بلون أرجواني، وكان من الواضح أنها تقاوم رغبتها الملحة في لكم أذنيه.
صاحت بقسوة: «ما تقوله لا يرقى حتى لأن يكون مزحة! أنا أخبرك بأنني لا أصدق كلمة مما قلت. أخذته على سبيل المزاح، حقا! أتمنى فقط لو أن زوجي كان هنا؛ كان سيعرف ماذا يفعل.»
ردت السيدة لورانس بحدة: «زوجك لم يكن ليستطيع أن يفعل أكثر من استعادة سوارك يا سيدتي. كل هذه الضجة ونعت الجميع باللصوص أيضا! لو أني نزاعة إلى الشك على هذا النحو، لكنت خجلت من نفسي.»
حدقت السيدة فيتزجيرالد بغطرسة في مضيفتها.
وصرحت وعيناها مثبتتان على حلية من الكهرمان الأسود تتدلى من عنق المرأة الأخرى: «من الطبيعي جدا أن يقول هذا الشيء أولئك الذين لا يملكون أي مجوهرات ولا يعرفون قيمتها. هذا ما سأقوله، وسوف تسمعينه مني من الآن فصاعدا. أنا لا أصدق مزحة الديك والثور هذه التي قصها علينا السيد تافرنيك. هؤلاء الذين أخذوا السوار من تلك الطاولة كانوا يقصدون الاحتفاظ به، إلا أنهم لم يمتلكوا الشجاعة لفعل ذلك.» واصلت السيدة بقوة: «وأنا لا أشير إليك يا سيد تافرنيك؛ لأنني لا أعتقد أنك أخذته، على الرغم من كل حديثك عن المزاح. وهؤلاء الذين قد تحميهم لن يستغرق الأمر مني أكثر من تخمينين لاسميهما، ولا بد أن يكون دافعك واضحا للجميع. الفتاة الوقحة الحقيرة !»
صفحه نامشخص
قال تافرنيك: «أنت تثيرين نفسك دون داع، يا سيدة فيتزجيرالد. دعيني أؤكد لك أنني أنا من أخذت سوارك من هذه المنضدة.»
نظرت إليه السيدة فيتزجيرالد بازدراء.
وتساءلت: «هل تتوقع مني أن أصدق قصة كهذه؟»
رد تافرنيك: «ولم لا؟ إنها الحقيقة. أنا آسف أنك انزعجت إلى هذه الدرجة ...» «هذه ليست الحقيقة!»
المزيد من الإثارة! دخول آخر غير متوقع! مرة أخرى تجدد الاهتمام بالقضية. ومرة أخرى شعر المتفرجون أنهم لن يسلبوا مأساتهم المثيرة. مالت سيدة عجوز ذات خدين صفراوين وعينين بلون أسود فاحم إلى الأمام ويدها على أذنها، حريصة على عدم تفويت أي مقطع لفظي مما كان قادما. عض تافرنيك شفته؛ لقد كانت الفتاة التي كانت معه فوق السطح هي من دخلت الغرفة.
واصلت الفتاة بنبرة هادئة وواضحة: «ليس لدي شك في أن تخمين السيدة فيتزجيرالد الأول كان صحيحا. أنا أخذت السوار. لم آخذه على سبيل المزاح، ولم آخذه لأنني معجبة به ... أعتقد أنه قبيح إلى حد بشع. أخذته لأنني لم يكن لدي مال.»
توقفت والتفتت ناظرة إليهم جميعا، بهدوء، ولكن كان ثمة شيء في وجهها جعلهم جميعا ينكمشون. وقفت حيث سلط الضوء على ثوبها الأسود الرث وقبعتها ذات المظهر الكئيب. كانت وجنتاها الغائرتان شاحبتين، والهالات السوداء تحت عينيها واضحة للغاية؛ ولكن على الرغم من مظهرها الهش، فقد وقفت برباطة جأش وهدوء، بل ربما بعزة نفس. لا بد أن تكون قد مرت عشرون أو ثلاثون ثانية وهي واقفة هناك، تزرر ببطء قفازيها. لم يحاول أحد كسر حاجز الصمت. لقد هيمنت عليهم جميعا - شعروا أن لديها المزيد لتقوله. حتى السيدة فيتزجيرالد شعرت بثقل في لسانها.
وتابعت: «لقد كانت محاولة خرقاء. لم يكن لدي أي فكرة عن المكان الذي أبيع فيه هذا الشيء، لكن، مع ذلك، فإني أعتذر منك، يا سيدة فيتزجيرالد، للقلق الذي لا بد أنه قد سببه لك أخذي لملكيتك القيمة» أضافت ناظرة إلى صاحبة السوار، التي توهج خداها مرة أخرى غضبا من الازدراء في نبرة صوت الفتاة. «أفترض أنني يجب أن أشكرك يا سيد تافرنيك، أيضا، لجهودك الحسنة النية للحفاظ على ماء وجهي. في المستقبل، سوف تكون هذه مسئوليتي وحدي. هل لدى أي منكم أي شيء آخر ليقوله لي قبل أن أذهب؟»
بطريقة أو بأخرى، لم يكن لدى أحد أي شيء ليقوله. كانت السيدة فيتزجيرالد تستشيط غضبا ولكنها اكتفت بالتعبير عن سخطها بإصدار صوت من أنفها. كان ردها حاضرا بما فيه الكفاية في الغالب، ولكن كانت هناك نظرة في عيني هذه الفتاة جعلتها مسرورة بمجرد ابتعادها. قامت السيدة لورانس بمحاولة واهنة قبل أن تذهب.
استهلت حديثها قائلة: «أنا متأكدة، أننا جميعا آسفون لما حدث ولأنك يجب أن تذهبي ...» ثم أضافت على عجل: «هذا لا يعني أن الأفضل بالطبع أن تذهبي، في ظل هذه الظروف. فيما يتعلق ...»
صفحه نامشخص
قاطعتها الفتاة بهدوء: «لست مدينة لك بأي شيء. يمكنك أن تهنئي نفسك على ذلك، فلو كنت مدينة لك بأي شيء، لما حصلت عليه. ولم أسرق أي شيء آخر.»
سألت السيدة لورانس: «ماذا عن أمتعتك؟»
ردت الفتاة: «عندما أحتاج إليها، سأرسل في طلبها.»
أدارت ظهرها لهم وقبل أن يدركوا ذهبت. كان لديها، حقيقة، شيء من العظمة. لقد جاءت لتعترف بمسئوليتها عن سرقة السوار وتركتهم جميعا وهم يشعرون كما لو كانوا أطفالا قد تم زجرهم. كانت السيدة فيتزجيرالد هي أول من جمعت شتات أمرها، بمجرد أن أزيل سحر وجود الفتاة. وشعرت بأنها بدأت تتأجج مرة أخرى مع تجدد الإحساس بالسخط.
صاحت وهي تنظر في أرجاء الغرفة: «لصة! مجرد لصة عادية أدانت نفسها! هذا هو اسمها بالنسبة إلي، ولا شيء غير ذلك. وقد وقفنا جميعا هنا مثل مجموعة من الأطفال الصغار. عجبا، لو أني قمت بما يتوجب علي فعله، لكان ينبغي لي أن أغلق الباب وأرسل في طلب الشرطة.»
أعلنت السيدة لورانس: «فات الأوان الآن، على أي حال. لقد ذهبت إلى الأبد، بلا شك. خرجت من النزل مباشرة. سمعتها توصد الباب الأمامي بعنف.»
قالت السيدة فيتزجيرالد: «وهذا أفضل أيضا. لا نريد أمثالها هنا ... ليس أمثال هؤلاء من تكون لديهم أشياء ذات قيمة. أراهن أنها لم تترك أمريكا إلا بسبب.»
رفعت سيدة ضئيلة الجسم ذات شعر رمادي عينيها من أعمال الإبرة، ولم تكن قد تحدثت من قبل، كما أنها كانت نادرا ما تشترك في أي نقاش على الإطلاق، ونظرت إليها. كانت فقيرة للغاية ولكنها كانت تتمتع بميول خيرية.
قالت بهدوء: «أتساءل ما الذي دفعها إلى السرقة.»
أعلنت السيدة فيتزجيرالد عن قناعة: «إنها لصة بالفطرة، إنسانة سيئة حقا. أعتقد أنها واحدة من المخادعين الغشاشين.»
صفحه نامشخص
تنهدت السيدة الضئيلة الجسم.
وتابعت: «عندما كنت أيسر حالا، كنت أساعد في مطعم للفقراء في بوبلار. لم أنس قط نظرة معينة اعتدنا رؤيتها من حين لآخر في وجوه بعض الرجال والنساء. اكتشفت ماذا كانت تعني ... كانت تعني الجوع. في الآونة الأخيرة، مرت الفتاة التي خرجت للتو بجانبي مرة أو مرتين على السلم، وكادت تخيفني. كانت لديها النظرة نفسها في عينيها. لقد لاحظت ذلك بالأمس ... كان ذلك قبل العشاء مباشرة، أيضا ... لكنها لم تنزل مطلقا.»
قالت السيدة لورانس بتفكر: «لقد دفعت الكثير مقابل غرفتها ودفعت زيادة مقابل الوجبات. لم تكن لتحصل على أي وجبة طعام ما لم تدفع ثمنها في الحال. لأصدقك القول، كنت أشعر بعدم الارتياح تجاهها. لم تدخل غرفة الطعام لمدة يومين، ومما قالوه لي لا توجد دلائل على أنها أكلت أي شيء في غرفتها. أما بشأن حصولها على طعام من الخارج، فلماذا تفعل ذلك؟ سيكون الأرخص لها أن تحصل عليه من هنا أكثر من أي مكان آخر، هذا إن كان لديها أي أموال على الإطلاق.»
كان ثمة صمت غير مريح. نظرت السيدة العجوز الضئيلة الجسم إلى أسفل الشارع في الظلام الحالك الذي ابتلع الفتاة.
وقال أحدهم: «أتساءل عما إذا كان السيد تافرنيك يعرف أي شيء عنها.»
لكن تافرنيك لم يكن في الغرفة.
الفصل الثاني
عشاء ثنائي
لحق بها تافرنيك في شارع نيو أكسفورد وسار على خطوتها على الفور. لم يضع أي وقت على الإطلاق في التمهيد والمقدمات.
قال: «سأكون سعيدا إذا أخبرتني باسمك.»
صفحه نامشخص
كانت نظرتها الأولى إليه شرسة بما يكفي لإثارة الرعب في نفس أي شخص آخر. أما بالنسبة إلى تافرنيك، فلم يكن لها أي تأثير على الإطلاق.
تابع قائلا: «لست مضطرة إلا إذا كنت تحبين أن تخبريني بالطبع. لكنني أتمنى أن أتحدث إليك بضع لحظات وأعتقد أنه سيكون من الأنسب إذا خاطبتك باسمك. لا أتذكر أنني سمعته يذكر في بلينهايم هاوس، والسيدة لورانس، كما تعلمين، لا تقدم نزلاءها.»
بحلول هذا الوقت كانا قد قطعا عشرين خطوة أو نحوها معا. لم تعره الفتاة، بعد نظرتها الأولى الغاضبة له، أي انتباه على الإطلاق اللهم إلا تسريع خطوتها قليلا. ومع ذلك، ظل تافرنيك بجانبها، لا يظهر أدنى شعور بالحرج أو الانزعاج. بدا أنه راض تماما عن الانتظار ولم تبد عليه أدنى أمارات رجل يمكن إبعاده بسهولة. أما هي، فتحولت فجأة ودون سابق إنذار من نوبة غضب عارمة إلى حالة تفكه شبه هستيرية.
قالت: «أنت شخص أحمق سخيف. ابتعد من فضلك. لا أريدك أن تمشي معي.»
ظل تافرنيك جامدا. وتذكرت فجأة تدخله نيابة عنها.
وقالت: «إذا كنت مصرا على المعرفة، كان اسمي في بلينهايم هاوس بياتريس بيرناي. أنا ممتنة لك كثيرا لما فعلته من أجلي هناك، لكنه أمر وانتهى. لا أرغب في الحديث معك، وأعترض على رفقتك تماما. من فضلك اتركني حالا.»
أجاب: «أنا آسف، لكن هذا غير ممكن.»
كررت بتساؤل: «غير ممكن؟»
هز رأسه.
قال بتأن: «ليس لديك أي مال، ولم تتناولي العشاء، وأظنك ليس لديك أدنى فكرة عن وجهتك.»
صفحه نامشخص
امتقع وجهها مرة أخرى من الغضب.
أصرت قائلة: «حتى لو كانت هذه هي الحقيقة، فقل لي ما الذي يهمك في الأمر؟ إن تذكيرك لي بهذه الحقائق ما هو إلا محض وقاحة.»
قال، وما زالت لم تظهر عليه أدنى علامات الانزعاج: «أنا آسف لأنك تنظرين إلى الأمر من هذا المنظور. إذا كنت لا تمانعين، فسوف نؤجل المناقشة في الوقت الحالي. هل تفضلين مطعما صغيرا أم ركنا في مطعم كبير؟ هناك موسيقى في مطعم فراسكاتي لكن ليس هناك كثير من الناس في المطاعم الأصغر.»
استدارت نصف استدارة على الرصيف ونظرت إليه بثبات. بدأت شخصيته في النهاية تثير اهتمامها. فكه المربع وحديثه المحسوب كانا مؤشرين لشخصية أقل ما يقال عنها أنها غير عادية. اكتشفت بعض الصفات التي لا تقهر تحت مظهره الخارجي غير المميز على الإطلاق.
سألته: «هل أنت مثابر هكذا على كل شيء في الحياة؟»
أجاب: «ولم لا؟ أحاول دائما أن أكون متسقا.» «ما اسمك؟»
أجاب على الفور: «ليونارد تافرنيك.» «هل أنت ميسور الحال ... أعني ميسور الحال إلى حد ما؟» «لدي دخل كاف للغاية.» «هل لديك من تعول؟»
قال: «لا أحد على الإطلاق. أنا سيد نفسي بكل ما في الكلمة من معنى.»
ضحكت بطريقة غريبة.
وقالت: «إذن عليك أن تدفع ثمن إصرارك ... أعني أنني ربما أسلب منك جنيها مثل أصحاب المطعم.»
صفحه نامشخص
أصر قائلا: «يجب أن تخبريني الآن إلى أين تريدين أن تذهبي. لقد تأخر الوقت.»
أجابت: «أنا لا أحب هذه الأماكن الغريبة. أفضل أن أذهب إلى غرفة الشواء في مطعم جيد.»
فأخبرها: «سنستقل سيارة أجرة. ليس لديك اعتراض، أليس كذلك؟»
هزت كتفيها.
وقالت: «إذا كان لديك المال ولا تمانع في إنفاقه، فأنا أعترف بأنني قد اكتفيت من المشي. إلى جانب أن مقدمة حذائي مهترئة وأجدها مؤلمة. بالأمس مشيت عشرة أميال محاولة العثور على رجل كان يجهز لإقامة حفل موسيقي من أجل الضواحي.»
سألها وهو يلوح لسيارة أجرة: «وهل وجدته؟»
أجابت بلا مبالاة: «نعم، لقد وجدته. حدث معي السيناريو المعتاد نفسه. سمعني أغني وحاول تقبيلي ووعدني بأن يتصل بي. لا أحد يرفض أي شيء في مهنتي، كما ترى. إنهم يعدون بأن يتصلوا بك لإعلامك.» «هل أنت مغنية أم ممثلة؟»
قالت له: «لا هذا ولا ذاك. قلت «مهنتي» لأنها المهنة الوحيدة التي حاولت الانتماء إليها. لم أنجح قط في الحصول على وظيفة في هذا البلد. ولا أفترض حتى لو كنت ثابرت أنني كنت سأحصل على واحدة.»
قال: «إذن، فقد تخليت عن الفكرة.»
اعترفت باقتضاب: «لقد تخليت عنها. أرجو منك ألا تظن لأنني سمحت لك أن تكون رفيقي مدة قصيرة أن بإمكانك أن تطرح علي أسئلة. يا لسرعة سيارات الأجرة هذه!»
صفحه نامشخص
توجها إلى وجهتهما ... مطعم مشهور في شارع ريجنت. دفع لسائق الأجرة ونزلا درجا إلى غرفة الشواء.
قال: «آمل أن يناسبك هذا المكان. ليس لدي خبرة كبيرة في المطاعم.»
نظرت حولها وأومأت.
أجابت: «نعم، أعتقد أن ذلك سيفي بالغرض.»
كانت ترتدي ملابس رثة للغاية، وعلى الرغم من أن مظهره كان غير عادي على الإطلاق، فهو بالتأكيد لم يكن من النوع الذي يوحي بالاحترام الفوري حتى في غرفة شواء في مطعم أنيق. ومع ذلك، فقد تلقوا خدمة سريعة وشبه رسمية. وشعر تافرنيك، بينما كان يشاهد سمت رفيقته وطريقة جلوسها وأسلوبها في التعامل مع رئيس الندل، بالدافع المجهول نفسه الذي جعله يلاحقها من بلينهايم هاوس والذي لم يكن بوسعه إلا أن يسميه فضولا، لكنه فضول قوي. كان شخصا شديد الواقعية، وكان أيضا بالفطرة وبحكم العادة قوي الملاحظة. لم يشك لحظة في أنها تنتمي إلى طبقة اجتماعية لم ينتم إليها نزلاء الفندق الذي عاشا فيه إلا نادرا، طبقة هو نفسه لم يعرف عنها إلا القليل. لم يكن هذا الشاب متعجرفا بأي حال من الأحوال، لكنه وجد هذه الحقيقة مثيرة للاهتمام. كانت الحياة بالنسبة إليه تشبه إلى حد كبير دفتر الأستاذ العام ... عبارة عن ديون وائتمانات، ولم يفشل قط في تضمين تلك الهبة المتعلقة بالتربية في الائتمانات، تلك الهبة التي حرم منها هو نفسه، واستبدلها بتلقائية تامة ونادرة للغاية.
قالت وهي تضع قائمة الطعام: «أود أن أتناول سمكا مقليا، وبعض شرائح اللحم، وآيس كريم، وقهوة سوداء.»
انحنى النادل. «وبالنسبة إلى السيد؟»
نظر تافرنيك إلى ساعته؛ كانت تشير إلى تمام العاشرة بالفعل.
أجاب: «سوف آخذ الطبق نفسه.» «والمشروبات؟»
بدت غير مبالية.
صفحه نامشخص