============================================================
ومع ذلك زكت [ الغلال في الكيل أضعاف المفهوم] . ولقد كان فخر الدين الطنبغا المساحى من جملة زرعه مائة فدان فولأ لم يمنع أحدا من الأكل منها في موضع الزرع ، ولم مكن أحدا أن يحمل منه شيئا . فلما كان أوان الدراس لم يرض بمن وكل إليه أمر الزرع حتى خرج بنفسه ، ووقف على أجران تلك المائة فدان من الفول ، فإذا تل عظيم من القشر الذى أكل الفقراء فوله أخضر ، قطاف به وفتشه فلم يجد به شيئا من الفول ، قأمر به عند اتقضاء شفله أن يدرس لينتقع بتبنه ، فحصل منه سبعمائة وستون أردبا ، فعد ذلك من بركة الصدقة وفائدة أعمال البر ، ( والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم) .
وكثرت أرباح التجار والياعة ، وازدادت فوائدهم ، فكان الواحد من الياعة يستفيد فى اليوم المائتين ، ويصيب الأقل من السوقة ربحا فى اليوم ثلاثين ، وكذلك كانت مكاسب أرباب الصنائع . واكتفوا بذلك طول الغلاء . وأصيب جماعة كثيرة من ربعح فى الغلاء - من الأمراء والجند وغيرهم - فى مدة الغلاء إما فى نفسه بأفة من الآفات ، أو باتلاف ماله التلف الشتيع، حتى لم ينتقع ، فلقد كان لبعضهم ستمائة أردب باعها بسعر مائة وخمسين الأردب وبأزيد من ذلك ، قلما ارتفع السعر عما باع به ندم على ييعه الأول حيث لم ينفعه الندم ، فلما صار إليه ثمن الغلال أنفق معظمه فى عمارة دار ، وزخرفتها وبالغ فى تحصينها وإجادتها حتى إذا فرغت وظن أنه قادر عليها أتاها أمر ربها فاحترقت بأجمعها ، وأصبحت لا شفع بها بشيء.
صفحه ۱۱۰