* وفيه أيضا ما يدل على التداوي من العطش في شدة الحر باللبن المشوب بالماء البارد يكون ....
* وفيه أيضا من فطنة أبي بكر الصديق ﵁ أنه لم يضع يده في ليعرف برده، ولا شرب منه قبل رسول الله ﷺ بل تركه بحاله فلم يعرف ذلك إلا ببرد أسفله.
* (٩/ أ) وفيه أيضا أنه وضعه على راحته ولم يمسكه بشفته لأن جوانبه كلها معرضة لأن يشرب رسول الله ﷺ منها فترك لك احتراما لما يمس شفته ﷺ.
وقوله: (فشرب حتى رضيت) ولم يقل حتى شبع، ولا حتى امتلأ، ولكنه أشار إلى أنه بلغ الحد الذي أرضى المشفق عليه الذي صحبه في سراه وسيره، وعلم من ذلك ما لقيه.
وهذا مما يدل على أن أبا بكر الصديق إنما برد اللبن بالماء ليلتذ رسول الله ﷺ ببرده، ولم يكن كما يقول الجهال نوع ترف؛ ولكن عبادة.
وقوله: (ثم قلت: اشرب يا رسول الله فشرب حتى رضيت) فيه من الفقه:
* أنا أبا بكر ﵁ كان واثقا بوثوق رسول الله ﷺ به، فإنه قد تحقق منه تحققه لأمانته ﵁، فلم يبادر بأن يشرب هو منه كما يفعل الأعجام مع ملوكها، خوفا من أن يكونوا جعلوا لهم في الطعام ما يسوء.
وفيه أيضا ما يعلم كل ضيف حسن الأدب، بأن لا يقول لصاحب الطعام لا آكل حتى تأكل أنت منه، فإن رسول الله ﷺ في هذا المقام كان كالضيف لأبي بكر؛ لأن أبا بكر قال للراعي: (أفتحلب لي؟). وقوله: (أفتحلب لي؟) ولم يقل: (أفتحلب لرسول الله ﷺ؟)، ولا: (أفتحلب لنا؟)؛ من أجل أن رسول الله ﷺ لا يأكل صدقة، وهذا مما حصل بلسان طلب فهو يشبه الصدقة
1 / 61