اداره اسلامی در عزت عرب
الإدارة الإسلامية في عز العرب
ژانرها
51
أي صنائع القتال، فأرسل إلى جرش اليمن اثنين من أصحابه يتعلمانها. وكان أهل الطائف أول من رمي بالمنجنيق، وأخذ المسلمون بعيد ذلك يعدون لأعدائهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل؛ لأنهم قادمون على فتح الشام والعراق على ما بشرهم به الرسول، فقال لعدي بن حاتم: «لعلك يا عدي إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم، فوالله ليوشكن المال أن يفيض فيهم حتى لا يوجد من يأخذ، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه ما ترى من كثرة عددهم وقلة عددهم فوالله ليوشكن أن تسمع بالمرأة تخرج من القادسية على بعيرها تزور هذا البيت لا تخاف، ولعلك إنما يمنعك من دخول فيه أنك ترى أن الملك والسلطان في غيرهم، وايم الله ليوشكن أن تسمع بالقصور البيض من أرض بابل قد فتحت عليهم.» وقال مرة: «أبشروا وأملوا ما يسركم؛ فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوا فيها فتهلككم كما أهلكتهم .»
رأينا الرسول في طور ضعفه، ثم في طور قوته، يحرص على رجاله حرصه على أعز شيء لديه، ولما دخل عمر في الإسلام اعتز به، وترك به المسلمون التقية في دينهم، بل إنه كان إذا سقط في يده أحد أذكياء المشركين أبقى عليه، مهما كان من إيذائه للمسلمين أو له خاصة؛ عل في حياته ما يستفيد منه الإسلام إذا أسلم. أما من قتلوا النفس التي حرم الله فهؤلاء لا تأخذه بهم رحمة؛ قدم عليه نفر
52
من العرب قد ماتوا هزالا فأسلموا واجتووا المدينة، فأمرهم الرسول أن يأتوا إبل الصدقة يشربوا من ألبانها، ففعلوا وصحوا وسمنوا، فارتدوا وقتلوا الراعي واستاقوا الإبل، فبعث في آثارهم فما ترجل
53
النهار حتى جيء بهم، وأوقع عليهم أشد العقوبة الشرعية.
وكان يحسن معاملة النساء عامة كما يحسن معاملة أزواجه خاصة، فيؤثرن أي تأثير في الرجال، ويجعل منهن أدوات صالحة له يبث بواسطتهن دعوته، ويرعى مصالح المسلمين، وقد أوصى بهن أجمل وصاة في خطبته يوم حجة الوداع. وهذا غاية في حسن الإدارة والسياسة؛ لأن حل المسائل بدون مشاكل أنفع من حلها بطرق جافة. والنساء في هذا المعنى من أفعل أسباب الدعوة، وخصوصا إذا كن كالصحابيات يأخذن بمجامع القلوب بجميل عاطفتهن وجمال بلاغتهن. وكان يسمح باستخدام النساء في حروبه وغزواته؛ يخدمن الجرحى، ويأخذن من العطاء، ويتولين من الرجال ما يصلحن له كالطعام والإسقاء، ويحمسن من يحتاج إلى تحميس. وجعل سعد بن معاذ في خيمة لامرأة يقال لها رفيدة في مسجده كانت تداوي الجرحى وتحبس نفسها على خدمة من كان فيه ضيقة من المسلمين. وكذلك كانت أخت رفيدة واسمها كعبة بنت سعيد الأسلمية. ومنهن من كن يخطن القرب؛ فالنساء في حكومته ممرضات طاهيات ساقيات خياطات محمسات داعيات. وأمر الرسول أن لا يقتل النساء في الحرب. فكان بذلك يستفيد من كل قوة في بلده يستعين بها على الظهور على المشركين.
ومن خطبه الإدارية ما ورد في الثقات أنه قعد على بعير له وأخذ إنسان بخطامه أو بزمامه فقال: «أي يوم هذا ؟» قال من حضر: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال: «أليس يوم النحر؟» قلنا: بلى. قال: «فأي شهر هذا؟» قال: فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال: «أليس بذي الحجة؟» قالوا: بلى. قال: «فأي بلد هذا؟» قال: فأمسكنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال: «أليس بالبلد الحرام؟» قلنا: بلى. قال: «فإن دماءكم وأعراضكم (وفي رواية: وأموالكم) بينكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا ليبلغ الشاهد الغائب.»
هذا جملة ما يقال في تدبير الرسول في الإدارة من بث دعوة وجهاد عدو، وأخذ غنائم وصدقات وجزى وعشور، وقسمتها بين المجاهدين وأهل البلاء من المهاجرين والأنصار، ثم على فقراء المسلمين، وما كان من توزيعه العمل بين عماله ومعاملته لهم وللوفود والنساء، إلى غير ذلك من أسباب القوة واتخاذ الجند والمحاربين، واشتداده في الحق ولينه إذا دعت الحال إلى اللين، وإغضائه أحيانا لما يلحق به من الأذى، يرتقب الفرص لمن يكيد للمسلمين.
صفحه نامشخص