اداره اسلامی در عزت عرب
الإدارة الإسلامية في عز العرب
ژانرها
95
ولقد سمعت أبا الحسن علي بن عيسى الوزير يقول، وقد جرى ذكر المقتدر بحضرته في خلوة: ما هو إلا أن يترك هذا الرجل النبيذ خمسة أيام متتابعة حتى يصح ذهنه، فأخاطب منه رجلا ما خاطبت أفضل منه، ولا أبصر بالرأي وأعرف بالأمور وأسد في التدبير، ولو قلت: إنه إذا ترك النبيذ هذه المدة يكون في أصالة الرأي وصحة العقل كالمعتضد والمأمون ومن أشبههما من الخلفاء ما حسبت أن أقع بعيدا، وما يفسده غير متابعة الشراب ولا يخبله سواها. ا.ه.
قيل: إنه كان بين ابن زبر القاضي وبين علي بن عيسى الوزير عداوة، وعجز ابن زبر عن رضاه فألقى رقعة في ورق الظالم، وفيها أن رجلا من خراسان رأى في ثلاث ليال متوالية العباس بن عبد المطلب في وسط دار السلام يبني دارا، فكلما فرغ من موضع تقدم رجل لهدمه. فقال له: يا عم رسول الله، من هذا الذي بليت به؟ فقال: هذا علي بن عيسى، كلما بنيت لولدي بناء هدمه. فقرئت الرقعة على المقتدر فقال: إن هذه الرؤيا صحيحة يصرف علي بن عيسى ويقبض عليه. فما جاء آخر النهار حتى وافى ابن زبر ومعه عهده بقضاء مصر ودمشق. فإن صحت هذه القصة كان تصديق المقتدر حيلة القاضي من أغرب ما أثر من ضعف العقول.
وعلي بن عيسى هذا أكبر وزراء ذاك العهد، ومن الأسر العريقة في خدمة الدولة منذ أيام المعتضد
96
كان من الثقة والصيانة والصناعة على جانب، عامل المصادرين من الوزراء والعمال بالرفق، وكتب إلى كل واحد من العمال بما جرت العادة به من تشريف أمير المؤمنين إياه بالخلع، ورد أمر الدواوين والمملكة إليه، وأقرهم على مواضعهم، وأمرهم بالجد والاجتهاد في العمارة، وكتب إليهم بإنصاف الرعية والعدل عليها، ورفع صغير المؤن وكبيرها عنها. كما كان يطالب بتوفير حقوق السلطان وتصحيحها وصيانة الأموال وحياطتها. ونظر إلى من تعود اقتطاع الأموال السلطانية وإقامة مروات نفسه فيها، وقصر في العمارة واعتمد غيره. وعمر الثغور والبيمارستانات وأدار الأرزاق لمن ينظر فيها، وأزاح علل المرضى والقوام، وعمر المساجد الجامعة، وكتب إلى جميع البلدان بذلك، ووقع إلى العمال وكتب إليهم في أمر المظالم، وأمر بأن يستوفى الخراج بغير محاباة للأقوياء، ولا حيف على الضعفاء، وساس الناس أحسن سياسة، ورسم للعمال الرسوم الجميلة، وأنصف الرعية وأزال السنن الجائرة، ودبر أمر الوزارة والدواوين وسائر أمور المملكة بكفاية تامة وعفاف وتصون، حتى أسقط الزيادات في إقطاعات الجند والعمال وغيرهم، لما رأى نفقات السلطان زائدة على دخله زيادة مفرطة تحوج إلى هدم بيوت الأموال وصرفها في نفقات يستغني عنها.
وكان يجري على خمسة وأربعين ألف إنسان جرايات تكفيهم وخدم السلطان سبعين سنة لم يزل فيها نعمة عن أحد. قال الصولي: ولا أعلم أنه وزر لبني العباس وزير يشبه في زهده وعفته؛ بلغه أن أسارى المسلمين في الروم ساءت حالهم وأن الروم يحاولون تنصيرهم فغمه ذلك. ولما كان يعرف أن الخليفة لا يريد قتال الروم عمد إلى طرق سلمية فندب بطريق أنطاكية وجاثليق القدس أن يكتبا إلى الروم كتابا يقبحان هذه المعاملة ويتوعدان، فاضطرت دولة الروم أن تحسن معاملة المسلمين. وما عابوا على علي بن عيسى الوزير إلا أنه كان ينظر كثيرا في جزئيات الأمور فربما شغلته عن الكليات.
97
منع علي بن عيسى من إكراه التناء والمزارعين «على
98
صفحه نامشخص