اداره اسلامی در عزت عرب

محمد کرد علی d. 1372 AH
103

اداره اسلامی در عزت عرب

الإدارة الإسلامية في عز العرب

ژانرها

وهدم الحصون وحيطان المدن، وبسط الأمان للأسود والأبيض والأحمر وضمهم جميعا، ونظر في مصالح البلدان وحط عن بعضها الخراج، ثم قصد إلى مصر فضرب على أيدي الخوارج فيها، وربطها بالخلافة ربطا محكما. وكان نحو

59

الخمسة عشر ألفا من أهل قرطبة جلوا من الأندلس بعد وقعة الربض في سنة 202 فانتهوا إلى الإسكندرية فملكوها مديدة، فلما ورد عبد الله بن طاهر على مصر صالحهم على التخلي عنها على مال بذله لهم، وخيرهم في النزول حيث شاءوا من جزائر البحر فاختاروا جزيرة إقريطش من البحر الرومي.

وكان من تربية طاهر بن الحسين أن جاء ابنه، كما قال له أحمد بن يوسف الكاتب، موفقا في الشدة والليان في مواضعهما، ولا يعلم سائس جند ورعية عدل بينهم عدله، ولا عفا بعد القدرة عمن آسفه وأضغنه عفوه. قال: ولقل ما رأينا ابن شرف لم يلق بيده متكلا على ما قدمت له أبوته. قال يونس بن عبد الأعلى: أقبل إلينا (في مصر) فتى حدث من المشرق - يعني ابن طاهر - والدنيا عندنا مفتونة قد غلب على كل ناحية من بلادنا غالب، والناس في بلاء، فأصلح الدنيا وأمن البريء، وأخاف السقيم، واستوثقت له الرعية بالطاعة. ولقد قال المأمون لبعض جلسائه: من أنبل ما تعلمون نبلا وأعفهم عفة؟ فجالوا بما فتح الله عليهم، وبعضهم مدحه وقرظه. فقال: ذلك والله أبو العباس عبد الله بن طاهر، دخل مصر وهي كالعروس الكاملة، فيها خراجها وبها أموالها جمة، ثم خرج عنها فلو شاء الله أن يخرج منها بعشرة آلاف ألف دينار لفعل، ولقد كان لي عليه عين ترعاه، فكتب إلي أنه عرضت عليه أموال لو عرضت علي أو بعضها لشرهت إليها نفسي، فما علمته خرج من ذلك البلد إلا وهو بالصفة التي قدمها فيها، إلا مائة ثوب وحمارين وأربعة أفراس. فمن رأى أو سمع بمثل هذا الفتى في الإسلام، فالحمد لله الذي جعله غرس يدي وخريج نعمتي.

هكذا كان عدل العمال وشرف أنفسهم، وهكذا كان علمهم وبعد نظرهم في عصر المأمون، فلا يستغرب بعد ذلك ما ذكر من قصة

60

تلك المرأة القبطية التي نادت المأمون لما مر بقريتها طاء النمل

61

من أرض مصر وسألته أن يقبل قراها؛ ليجعل لها الشرف ولعقبها بذلك، وأن لا يشمت بها الأعداء، وبكت بكاء كثيرا، فنزل عليها بجيشه ورجاله، وكانت ضيافتها من فاخر الطعام ولذيذه. وفي الصباح بعثت إلى المأمون بعشر وصائف مع كل وصيفة طبق، في كل طبق كيس من ذهب. فاستحسن ذلك وأمرها بإعادته. فقالت: لا والله لا أفعل. فتأمل الذهب فإذا به ضرب عام واحد كله. فقال: هذا والله أعجب، وربما عجز بيت مالنا عن مثل ذلك! فقالت: يا أمير المؤمنين لا تكسر قلوبنا ولا تحتقر بنا. فقال: إن في بعض ما صنعت لكفاية ولا نحب التثقيل عليك، فردي مالك بارك الله فيك. فأخذت قطعة من الأرض، وقالت: يا أمير المؤمنين هذا - وأشارت إلى الذهب - من هذا - وأشارت إلى الطينة التي تناولتها من الأرض - ثم من عدلك يا أمير المؤمنين، وعندي من هذا شيء كثير فأمر به فأخذ منها، وأقطعها عدة ضياع، وأعفاها من بعض خراج أرضها.

وفي الحق إنه لم يعرف عصر كعصر المأمون وعصر أبيه وأخيه الأمين في استفاضة الأموال في كل طبقة من طبقات الأمة؛ فقد أنفق الحسن بن سهل على عرس ابنته بوران على المأمون أربعة آلاف ألف دينار، وماتت الخيزران أم الهادي والرشيد (173) وكانت غلتها ألف ألف وستين ألف ألف درهم، ومات محمد بن سليمان وقبض الرشيد أمواله بالبصرة وغيرها، فكان مبلغها نيفا وخمسين ألف ألف درهم سوى الضياع والدور والمستغلات، وكان محمد بن سليمان يغل كل يوم مائة ألف درهم. وأنفق جعفر بن يحيى على داره التي ابتناها في دار السلام نحوا من عشرين ألف ألف درهم. وغنى إبراهيم بن المهدي محمدا الأمين صوتا فأعطاه ثلاثمائة ألف درهم. فقال إبراهيم: يا سيدي قد أمرت لي إلى هذه الغاية بعشرين ألف ألف درهم فقال: وهل هي إلا خراج بعض الكور؟!

صفحه نامشخص