176

ایضاح التوحید

إيضاح التوحيد بنور التوحيد لسعيد الغيثي

ژانرها

قال بعضهم رحمه الله تعالى (¬1) : «فإن لم تعرف الإباضية يا عقبى، فهل عرفت المرحوم طيب الذكر، كثير المزايا، جم الهمم في مصلحة المسلمين، السلطان الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي رأس الدولة الأيوبية، وصاحب الفتوحات الشهيرة، والمزايا الجمة الكثيرة؟ فمن مزاياه التي لحقت أهل الدعوة من طلبة العلم بطيلون؛ أن جعل المسجد الكبير، المنسوب إلى أبي العباس أحمد بن طولون (¬2) ، وهو من الجوامع العتيقة الأنيقة الصنعة، الواسعة البنيان، جعله السلطان المشار إليه مأوى للغرباء من طلبة العلم من الإباضية، يسكنونه، ويحلقون فيه، وأجرى عليهم الأرزاق في كل شهر، ومن أصح ما شاع عن فضائل هذا السلطان النزيه الموفق أن جعل أحكام طلبة العلم الإباضية إليهم، لما علمه من سلامة بصيرتهم، وصحة عقيدتهم، واحترامهم للتكاليف الشرعية، وحزمهم، وتوقفهم في المشكلات، والشبهات، وطهارة دينهم من الضلالات، ولم يجعل يدا لأحد من عمال المملكة عليهم إذ ذاك، وأذن لهم أن يتخذوا من أنفسهم حاكما يمتثلون أمره، ويتحاكمون في طوارئ أمورهم عنده، واستصحبوا الدعة والعافية، وتفرغوا لطلب العلم والعبادة، ووجدوا من فضل السلطان أفضل معين على الخير الذي هم بسبيله، وما هو مذكور في رحلة ابن جبير الكناني الأندلسي من فضائل الأعمال، قد يستمطرالرحمات على الأيوبي المذكور، فطوبى له ثم طوبى؛ ولذلك قد أثمر الله هذا المسعى ، فبقيت لآثاره ليومنا هذا بطيلون.

¬__________

(¬1) - ... هو القطب الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش، في رسالة الرد على العقبي.

(¬2) - ... هو أبو العباس أحمد بن طولون (220-270ه/835-884م): أمير الديار المصرية والشامية، تركي مستعرب، وقد بنى المسجد المنسوب إليه في القاهرة.

... ... وانظر- ابن خلكان: وفيات الأعيان، ج1/ص55. الزركلي: الأعلام، ج1/ص137.

صفحه ۱۷۸