والعقول الأول تفيض على العقول الثوانى الفضائل التى تنال من العلة الأولى، 〈و〉 تنسلك الفضائل فيها إلى أن تبلغ آخرها. والعقول العالية الأول التى تلى العلة الأولى تؤثر الصور الثابتة القائمة التى لا تدثر فلا تحتاج إلى إعادتها مرة أخرى. وأما العقول الثوانى 〈فتؤثر الصور المائلة الزائلة كالنفس فإنها من تأثير العقول الثوانى〉 التى تلى الأنية المبتدعة سفلا. وإنما كثرت الأنفس بالنوع بالذى به تكثرت العقول، وذلك أن أنية النفس أيضا ذات نهاية؛ وما كان منها سفلا فغير متناه. فالأنفس التى تلى العقل تامة كاملة [قليلة الميل والزوال]. والأنفس التى تلى 〈الأنية〉 سفلا هى فى التمام والميلان دون 〈الأنفس〉 العالية. والأنفس العالية تفيض بالفضائل، التى تقبل من العقل، على النفس 〈السفلية〉. وكل نفس تقبل من العقل قوة أكثر فهى على التأثير أقوى، ويكون المؤثر فيها ثابتا باقيا، وتكون حركته حركة مستديرة متصلة. وما كان منها قوة العقل فيه أقل، يكون فى التأثير دون الأنفس الأول، ويكون المؤثر منها ضعيفا مستحيلا داثرا. إلا أنه، وإن كان كذلك، فإنه يدوم بالكون. فقد استبان لم صارت الصور العقلية كثيرة، وإنما هى أنية واحدة مبسوطة، ولم صارت الأنفس كثيرة، بعضها أقوى من بعض، وأنيتها واحدة مبسوطة لا خلاف فيها.
[chapter 5] ٥ — باب آخر
صفحه ۸