کتاب الایضاح در شرح مصباح
كتاب الإيضاح في شرح المصباح
ژانرها
وجوه يوم بدر ناظرات إلى الرحمن يأتي بالخلاص وأيضا فإن من معاني النظر الحقيقية تقليب الحدقة اتفاقا بيننا وبينكم فإذا أمكن الحمل عليه فهو الأولى والمحققون منكم حملوه هنا على الرؤية لا تقليب الحدقة وقد أمكن حمله على الحقيقة لكن على تقدير مضاف محذوف إلى ثواب ربها ناظرة وحذف المضاف كثير في القرآن وغيره نحو((واسأل القرية)) وهذا التأويل مروي عن (أمير المؤمنين) علي عليه السلام أيضا وعن ابن عباس والسدي ومجاهد وعكرمة وغيرهم سلمنا فهي ظنية لحصول هذه الاحتمالات، وما نحن فيه يحتاج إلى قطعي، ومعنى الزيادة في قوله تعالى{للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}غرفة في الجنة لها أربعة أبواب وتلك الغرفة من لؤلؤة كما قد روي وهو المناسب، لأن الزيادة تجب أن تكون من جنس المزيد عليه والرؤية ليست جنسا للحسنى، ولهذا نقول شريت كذا حريرا وقطنا وزيادة يعني على ذلك العدد من ذلك الجنس فإن أراد غيره قال وشيء آخر، وأما قوله تعالى{إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبين}فمعناه محجوبين عن رحمة الله وثوابه والمؤمنون غير محجوبين عن ذلك وأيضا فدلالتها على ما ادعيتم من باب المفهوم وهو منازع في الأخذ به في فروع الفقه فضلا عن أصول الدين. ومن شبههم قوله تعالى{تحيتهم يوم يلقونه سلام}(الأحزاب:44) واللقاء الرؤية ولا دليل على ذلك لأنك تقول رأيت فلان وما لقيته، ونقول لقي الضرير الأمير وما رآه، فيكون المعنى يوم يلقون ثوابه وملائكته كما حكى الله تعالى في قوله{والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}(الرعد:23،24) وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم(سترون ربكم يوم القيامة...الخبر) فنقول هذا الخبر مقدوح في روايته لأنه مسند إلى قيس بن أبي حازم وقيس يرويه عن جرير بن عبدالله البجلي وكلاهما مطعون في دينه، أما جرير فيروى أنه كان يخون أمير المؤمنين (علي) عليه السلام ويكتب بأسراره إلى معاوية وقال ليس علي من أوليائي إنما وليي الله ورسوله وصالح المؤمنين ثم لحق بمعاوية بعد ذلك. وأما قيس فيروى أنه كان يرى رأي الخوارج ويقول دخل بغض علي في قلبي، ومن دخل بغض علي في قلبه فأقل منازله أن تطرح رواياته لقوله صلى الله عليه وآله وسلم:(لا يبغضك إلا منافق) وقد قيل أنه مختل الضبط لأنه خولط في عقله في آخر مدته، يروى أنه كان محبوسا فكان يقرع الباب بيده فإذا صوت الباب ضحك، وقيل أنه كان يسأل الدراهم ليشتري بها عصيا ليضرب بها الكلاب ولعله روى هذا الخبر في هذه الحال. وإن سلمنا صحته قلنا: أنه ظني لا يصلح حجة فيما نحن فيه ولا يقوى على معارضة الأدلة القطعية التي تقدمت مع أنه يحتمل التأويل بأن يقال معناه ستعلمون لأن الرؤية قد تكون بمعنى العلم كما قال تعالى{ألم تر إلى ربك كيف مد الظل}(الفرقان:45) وقال تعالى{أولم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة}(يس:77) وقال الشاعر:
رأيت الله إذ سمى نزارا وأسكنهم بمكة قاطنين
ولم يتعد إلى مفعولين لأنه بمعنى المعرفة فيكون معنى الحديث ستعرفون ربكم، فثبت ما قلناه واندفعت شبهة المخالفين.
صفحه ۱۱۵