قلنا: العلم لا يفيد المدح إذ لا يزيد على تمييز مسماه من جنسه مع أن الله تعالى لا جنس له ، وأيضا الأعلام ألقاب وهي لا تجوز على الله تعالى لأنها للغائب كالإشارة إلى الحاضر.
قال بعض المحققين : لا خلاف عائد إلى المعنى لأن المتكلمين إنما يمنعون أن يكون الله تعالى موضوعا على العلمية من أصل وضعه كزيد وعمرو ونحوهما،وهذه هي الألقاب التي لا تجوز على الله تعالى ، وأما كونه صار علما بالغلبة بعد أن كان في الأصل غير علم بل موضوعا بإزاء صفة ذات ، فهذا مما لا سبيل إلى منعه فيكون قولهم الله هو من تحق له العبادة في الأصل قبل الإدغام والتفخيم ، ثم أنه بقي ذلك المعنى ملحوظا فيه أيضا بعد الغلبة كما هو حكم الأعلام الغالبة .
قلت: هذا يحتاج إلى تأمل ، فإن دعوى أن الله كان جريه على الألسن بلفظ الإله قريب من دعوى علم الغيب ، فإنه لم يسمع في جاهلية ولا إسلام إلا لفظ الجلالة ولا يطلق على غير الباري ، وأما الإلاه فكانت الجاهلية تطلقه على آلهتها ، فمن أين لكم أنه كان ينطق به على لفظ الإله قبل الاهتداء إلى الجلالة ؟
وأما الرحمن الرحيم : فهما صفتان لله تعالى حقيقيتان دينيتان ،وقال المتأخرون: بل مجاز.
قال في الأساس:لو كانا مجازين (كما زعموا) لافتقرا إلى القرينة وهما لا يفتقران (إلى قرينة) بل لا يجري رحمن مطلقا ورحيم غير مضاف الإله تعالى ، وليستا لغويتين لاستلزامهما التشبيه لو كانا كذلك ورحيم منقول إذ هو كلمة تستعمل للخالق والمخلوق ، ففي المخلوق (لا تجوز) إلا بحذف التعريف وإثبات الإضافة هكذا قيل.
صفحه ۹