223

وأما الإجماع: فمعلوم أن الصحابة أجمعت على أن الحد إلى الإمام والتكليف به مستمر وما لا يتم الواجب إلا به يجب كوجوبه.وأول من استدل بهذا الدليل نجم آل الرسول القاسم بن إبراهيم عليه السلام، ثم ذكره الشيخان أبو علي وأبو هاشم، وقد اعترض بأن قيل ما أنكرتم أن وجوب الحد ونحوه مشروط بوجود الإمام كوجوب الزكاة فإنه مشروط بالنصاب والحج فإنه مشروط بالاستطاعة وهذا الاعتراض أقوى ما يرد على هذا الدليل، وقد أجيب عنه بجوابات أقواها ما ذكره بعضهم وهو مبني على أصل وهو أن الأمر إذا ورد مطلقا غير مقيد وجب تحصيل ما لا يتم إلا به، وقد ثبت أن وجوب الحد ونحوه مطلقا فوجب علينا تحصيل شرطه لأنه شرط في الأداء لا في الوجوب بخلاف الحج والزكاة، أما الحج (فالأمر به ورد) مقيدا بالاستطاعة فكانت الاستطاعة شرط في الوجوب، والأمر بالزكاة ورد مرتبا على وجود المال نحو قوله صلى الله عليه وآله وسلم:(في مائتي درهم خمسة دراهم، وفي أربعين شاة شاة) ونحو ذلك فكان النصاب شرطا في الوجوب فظهر الفرق بين الحد ونحوه وبين الزكاة والحج ونحوهما، واستدل المؤيد بالله على وجوب الإمامة بإجماع الصحابة فإنهم فزعوا إلى إمامة الإمام حالا بعد حال وقال أبو بكر: لا بد لهذا الأمر ممن يقوم به فأقروه على ذلك، وإنما وقع الخلاف في محلها فقط، وإذا قد أثبتنا على ما أردنا من ذكر المقدمة فلنعد إلى ما نحن بصدده فنقول:

اختلف الناس في الإمام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل، فقالت الزيدية قاطبة على رواية بعض أصحابنا كالسيد صاحب شرح الأصول والفقيه حميد والمنصور بالله وغيرهم، والجارودية منهم على رواية الشيخ في الواسطة وغيره،قلت أو إلى البترية منهم على رواية بعض أصحبنا المتأخرين وبه قالت الإمامية، أن الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بلا فصل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وأن طريقة إمامته النص، ثم اختلفوا ذات بينهم في النص، فذهب الزيدية إلى أن النص في إمامة علي عليه السلام نص خفي، وعند الإمامية نص جلي يكفرون منكره ويفسقونه ولأجل ذلك حكموا بفسق المشائخ وغيرهم.

واعلم أن الزيدية فريقان جارودية وصالحية، فالجارودية: تتفق رواية أصحابنا عنهم بتقديم علي عليه السلام في الإمامة على المشائخ وأنهم يفسقون المشائخ ونحوهم .وأما الصالحية: فمن أصحابنا من يروي عنهم تقديم علي عليه السلام على المشائخ إلا أنهم لا يفسقون المشائخ، ومنهم من يروي عنهم تقديم المشائخ كقول سائر الفرق.

صفحه ۲۶۴