128

المسألة الرابعة عشرة ((أن الله لا يكلف عباده ما لا يطيقون))

أنه يجب على المكلف أن يعلم أن الله لا يكلف عباده ما لا يطيقون، وهذا هو قولالأكثر، واختلفوا، فقيل: لأنه قبيح كما يجيء في دليل الكتاب وهو تعالى لا يفعل القبيح كما مر وهذا قول العدلية، ومنهم من قال: إنه لا يكلف ما لا يطاق لأنه تعالى لا ينفرد بفعل القبيح، ويقولون: يصح منه تعالى أن يكلف العبد ما لا يطيقه إذا كلفه بذلك غيره فيفعل ذلك مشتركا وهذا قول النجارية، وعندهم أن تكليف الكافر بالإيمان ليس بتكليف لما لا يطاق وإن لم يكن فيه قدرة على الإيمان، قالوا: لأن الإيمان يصح من الكافر ويجوز ويتوهم فيحسن من الله ولا يقبح،ومنهم من قال: لا يكلف ما لا يطاق لا لقبحه فهو لا يقبح منه ولكن لعدم الداعي إذ لا داعي له إلى تكليف ما لا يطاق بل يستحيل عليه كما يستحيل على الواحد منا الداعي إلى تحريك الجمادات وهذا قول الغزالي. قال بعض أصحابنا: وقد ألزمنا المجبرة على قولهم بإيجاب القدرة وخلق الأفعال وعدم القبيح العقلي أن يكون الله تعالى قد كلف عباده ما لا يطيقونه وكانت المجبرة لا تلتزمه وإن لم يقولوا بقبحه عقلا بل قالوا لأنه لا يليق من الحكيم لما فيه من النقص شاهدا، ولم يزالوا على ذلك حتى صرح أبو الحسن (بن بشر) الأشعري بجوازه على الله بناء على قياس مذهبهم كما ذكرنا، قال بعض المحققين لما لا يطاق صورا أربع:

الأولى: الجمع بين الضدين مما هو غير مقدور أصلا لا له تعالى ولا لنا لأنه يستحيل الجمع بين الضدين من جهتنا ومن جهة الباري تعالى .

الثانية: مالا يطاق من جهتنا وهو مقدور للباري تعالى وهذا نحو إيجاد الأجسام وبعض الأعراض ونحو ذلك.

الثالثة: ما يصح منا جنسه إلا أنه لا يمكنا إيجاده على الوجه الذي يقع عليه من جهة الباري وهذا نحو الطيران.

صفحه ۱۵۳