فضللنا بنعمة واتكأنا = وشربنا الحلال من قلله وذهب الشافعي إلى أن الحد في ذلك قلتان من قلل هجر، وذلك نحو خمسمائة رطل، وقيل عن الربيع رحمه الله تعالى: إذا كان الماء بقدر أربعين قلة لم ينجسه شيء، وقال بعضهم: الحد في ذلك إذا كان الماء يبلغ من كثرته إذا حرك منه جانب لم يضطرب الآخر، وإنما قالوا هذا بالقياس قالوا: لأن الماء لا ينجس عينه، وإنما منع من استعماله على سبيل المجاورة لأنها جسم من الأجسام لا تتداخل لأنه لا يصل إلى استعمال شيء منه إلا ومعه جزء من النجاسة، وذكر أبو عبد الله محمد بن بركة في كتابه المعروف بمدح العلم وأهله: التقدير في حركة الماء لا وجه له لأن الحركة تختلف، حركة الثقيل وحركة الخفيف، وهذا التحديد في الماء الراكد، وأما الجاري فلا بأس به ما لم تغلب عليه النجاسة، وإذا كان الماء يجري فانقطع من أوله وآخره وبقي يجري في الوسط فهو جار من الموضع الذي يجري فيه وإن حمل بعرشاة فهر جار لا يفسده من النجاسة إلا ما غلب عليه لأنه لم تسر النجاسة في جميع أجزائه، منزلته منزلة الماء الكثير الذي إذا حرك من أوله لم تصل الحركة إلى آخره. وعن بعض أصحابنا أنه لا بأس بالبول في الماء الجاري لأن النهي إنما ورد في الماء الدائم لقلته.
صفحه ۱۲۸