الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
ذَلِكَ الْمَمْنُوعِ الْوَاقِعِ فِيهِ الِاشْتِبَاهُ:
فَإِذَا اخْتَلَطَتِ الْمَيْتَةُ بِالذَّكِيَّةِ؛ نَهَيْنَاهُ عَنِ الْإِقْدَامِ، فَإِنْ أَقْدَمَ؛ أَمْكَنَ عِنْدَنَا أَنْ يَكُونَ آكِلًا لِلْمَيْتَةِ فِي الِاشْتِبَاهِ، فَالنَّهْيُ الْأَخَفُّ إِذًا مُنْصَرِفٌ نَحْوَ الْمَيْتَةِ فِي الِاشْتِبَاهِ؛ كَمَا انْصَرَفَ إِلَيْهَا النَّهْيُ الْأَشَدُّ فِي التَّحَقُّقِ.
وَكَذَلِكَ اخْتِلَاطُ الرَّضِيعَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ؛ النَّهْيُ فِي الِاشْتِبَاهِ مُنْصَرِفٌ إِلَى الرَّضِيعَةِ؛ كَمَا انْصَرَفَ إِلَيْهَا فِي التَّحَقُّقِ.
وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمُشْتَبِهَاتِ؛ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ نَهْيُ الْإِقْدَامِ عَلَى الْمُشْتَبَهِ إِلَى خُصُوصِ الْمَمْنُوعِ الْمُشْتَبَهِ.
فَإِذًا؛ الْفِعْلُ الدَّائِرُ بَيْنَ كَوْنِهِ سُنَّةً أَوْ بِدْعَةً؛ إِذَا نُهِيَ عَنْهُ فِي بَابِ الِاشْتِبَاهِ؛ نُهِيَ عَنِ الْبِدْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ، فَمَنْ أَقْدَمَ عَنِ الْعَمَلِ، فَقَدْ أَقْدَمَ عَلَى مَنْهِيٍّ عَنْهُ فِي بَابِ الْبِدْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَمَلٌ أَنْ يَكُونَ بِدْعَةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، فَصَارَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ كَالْعَامِلِ بِالْبِدْعَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْبِدْعَةَ الْإِضَافِيَّةَ هِيَ الْوَاقِعَةُ ذَاتُ وَجْهَيْنِ، فَلِذَلِكَ قِيلَ: إِنَّ هَذَا الْقِسْمَ مِنْ قَبِيلِ الْبِدَعِ الْإِضَافِيَّةِ.
وَلِهَذَا النَّوْعِ أَمْثِلَةٌ:
(أَحَدُهُمَا): إِذَا تَعَارَضَتِ الْأَدِلَّةُ عَلَى الْمُجْتَهِدِ فِي أَنَّ الْعَمَلَ الْفُلَانِيَّ مَشْرُوعٌ يُتَعَبَّدُ بِهِ أَوْ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فَلَا يُتَعَبَّدُ بِهِ، وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ، أَوْ إِسْقَاطُ أَحَدِهِمَا بِنَسْخٍ أَوْ تَرْجِيحٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ فَقَدْ ثَبَتَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ فَرْضَهُ التَّوَقُّفَ، فَلَوْ عَمِلَ بِمُقْتَضَى دَلِيلِ التَّشْرِيعِ مِنْ غَيْرِ مُرَجَّحٍ؛ لَكَانَ عَامِلًا بِمُتَشَابِهٍ؛ لِإِمْكَانِ صِحَّةِ الدَّلِيلِ بِعَدَمِ الْمَشْرُوعِيَّةِ،
1 / 480