الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
قَدْ شَاهَدْنَا الْأَئِمَّةَ الْفُقَهَاءَ الصُّلَحَاءَ الْمُتَّبِعِينَ لِلسُّنَّةِ الْمُتَحَفِّظِينَ بِأُمُورِ دِينِهِمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ أَئِمَّةً وَمَأْمُومِينَ، وَلَمْ نَرَ مَنْ تَرَكَ ذَلِكَ؛ إِلَّا مَنْ شَذَّ فِي أَحْوَالِهِ.
فَقَالَ: " وَأَمَّا احْتِجَاجُ مُنْكِرِ ذَلِكَ بِأَنَّ هَذَا لَمْ يَزَلِ النَّاسُ يَفْعَلُونَهُ؛ فَلَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ ثَبَتَ أَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا يَفْعَلُونَهُ ".
قَالَ: " وَلَمَّا كَانَتِ الْبِدَعُ وَالْمُخَالَفَاتُ وَتَوَاطُؤُ النَّاسِ عَلَيْهَا؛ صَارَ الْجَاهِلُ يَقُولُ: لَوْ كَانَ هَذَا مُنْكَرًا؛ لَمَا فَعَلَهُ النَّاسُ ".
ثُمَّ حَكَى أَثَرَ الْمُوَطَّأِ: " مَا أَعْرِفُ شَيْئًا مِمَّا أَدْرَكْتُ عَلَيْهِ النَّاسَ إِلَّا النِّدَاءَ بِالصَّلَاةِ ".
قَالَ: " فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي عَهْدِ التَّابِعِينَ يَقُولُ: كَثُرَتِ الْإِحْدَاثَاتِ؛ فَكَيْفَ بِزَمَانِنَا؟!.
ثُمَّ هَذَا الْإِجْمَاعُ لَوْ ثَبَتَ؛ لَزِمَ مِنْهُ مَحْظُورٌ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا نُقِلَ عَنِ الْأَوَّلِينَ مِنْ تَرْكِهِ، فَصَارَ نَسْخُ إِجْمَاعِ بِإِجْمَاعٍ، وَهَذَا مُحَالٌ فِي الْأُصُولِ.
وَأَيْضًا؛ فَلَا تَكُونُ مُخَالَفَةُ الْمُتَأَخِّرِينَ لِإِجْمَاعِ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى سُنَّةٍ حُجَّةً عَلَى تِلْكَ السُّنَّةِ أَبَدًا.
فَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِمَا حُكِيَ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ بِشَاذَانَ بِسَنَدٍ يَرْفَعُهُ إِلَى أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْجَعْفَرِيِّ، قَالَ:
" كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ - يَعْنِي: ابْنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ﵃ يُكْثِرُ الْجُلُوسَ إِلَى رَبِيعَةَ، فَتَذَاكَرُوا يَوْمًا، فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ
1 / 460