الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
ویراست
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
إِلَّا أَنْ يُقَالَ: قَدْ جَاءَ الدُّعَاءُ لِلنَّاسِ فِي مَوَاطِنَ؛ كَمَا فِي الْخُطْبَةِ الَّتِي اسْتَسْقَى فِيهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَيُقَالُ: نَعَمْ؛ فَأَيْنَ الْتِزَامُ ذَلِكَ جَهْرًا لِلْحَاضِرِينَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ؟!.
ثُمَّ نَقُولُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ يَقُولُونَ فِي مِثْلِ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ الْوَارِدِ عَلَى أَثَرِ الصَّلَاةِ: إِنَّهُ مُسْتَحَبٌّ، لَا سُنَّةٌ وَلَا وَاجِبٌ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّ هَذِهِ الْأَدْعِيَةَ لَمْ تَكُنْ مِنْهُ عَلَيْهِ وَالسَّلَامَ عَلَى الدَّوَامِ.
وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْهَرُ بِهَا دَائِمًا، وَلَا يُظْهِرُهَا لِلنَّاسِ فِي غَيْرِ مُوَاطِنِ التَّعْلِيمِ، إِذْ لَوْ كَانَتْ عَلَى الدَّوَامِ وَعَلَى الْإِظْهَارِ؛ لَكَانَتْ سُنَّةً، وَلَمْ يَسَعِ الْعُلَمَاءَ أَنْ يَقُولُوا فِيهَا بِغَيْرِ السُّنَّةِ، إِذْ خَاصِّيَّتُهُ - حَسْبَمَا ذَكَرُوهُ - الدَّوَامُ وَالْإِظْهَارُ فِي مَجَامِعِ النَّاسِ.
وَلَا يُقَالُ: لَوْ كَانَ دُعَاؤُهُ ﵇ سِرًّا؛ لَمْ يُؤْخَذْ عَنْهُ.
لِأَنَّا نَقُولُ: مَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الْإِسْرَارَ؛ فَلَا بُدَّ أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ [الْجَهْرُ] وَلَوْ مَرَّةً، إِمَّا بِحُكْمِ الْعَادَةِ، [وَإِمَّا] بِقَصْدِ التَّنْبِيهِ عَلَى التَّشْرِيعِ.
فَإِنْ قِيلَ: ظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ تَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ [حَاصِلٌ]؛ بِقَوْلِ الرُّوَاةِ: " كَانَ يَفْعَلُ "؛ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الدَّوَامِ؛ كَقَوْلِهِمْ: " كَانَ حَاتِمٌ يُكْرِمُ الضِّيفَانِ ".
قُلْنَا: لَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ يُطْلَقُ عَلَى الدَّوَامِ وَعَلَى الْكَثِيرِ وَالتَّكْرَارِ عَلَى الْجُمْلَةِ:
كَمَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ﵂: «أَنَّهُ ﵊:
1 / 455