416

الاعتصام

الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع

ویرایشگر

سليم بن عيد الهلالي

ناشر

دار ابن عفان

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤١٢هـ - ١٩٩٢م

محل انتشار

السعودية

إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَيُتَقَرَّبُ بِهِ إِلَيْهِ، فَالْعِبَادَاتُ الْمَحْضَةُ ظَاهِرٌ فِيهَا ذَلِكَ، وَالْعَادَاتُ كُلُّهَا إِذَا قُصِدَ بِهَا امْتِثَالُ أَمْرِ اللَّهِ عِبَادَاتٌ؛ إِلَّا أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُقْصَدْ بِهَا ذَلِكَ الْقَصْدُ، وَيَجِيءُ بِهَا نَحْوَ الْحَظِّ مُجَرَّدًا، فَإِذْ ذَاكَ؛ لَا تَقَعُ مُتَعَبَّدًا بِهَا، وَلَا مُثَابًا عَلَيْهَا، وَإِنْ صَحَّ وُقُوعُهَا شَرْعًا.
فَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ قَدْ فَهِمُوا هَذَا الْمَعْنَى، وَلَا يُمْكِنُ مَعَ فَهْمِهِ أَنْ تَتَعَارَضَ الْأَوَامِرُ فِي حَقِّهِمْ وَلَا فِي حَقٍّ مَنْ فَهِمَ مِنْهَا مَا فَهِمُوا (مِنْهَا).
فَالتَّبَتُّلُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ صَحِيحٌ أَصِيلٌ فِي الْجَرَيَانِ عَلَى السُّنَّةِ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الْحَسَنِ وَغَيْرِهِ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ صَحِيحٌ إِذَا أَخَذَ هَذَا الْمَأْخَذَ؛ أَيِ: اتَّبَعِ الْهُدَى وَاتَّبِعْ أَمْرَ رَبِّكَ؛ فَإِنَّهُ الْعَلِيمُ بِمَا يَصْلُحُ لَكَ، وَالْقَائِمُ عَلَى تَدْبِيرِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَى أَثَرِهَا: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا﴾ [المزمل: ٩]؛ أَيْ: فَكَمَا أَنَّهُ وَكِيلٌ لَكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا لَيْسَ مِنْ كَسْبِكَ؛ فَكَذَلِكَ هُوَ وَكِيلٌ عَلَى مَا هُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ كَسْبِكَ، مِمَّا هُوَ تَكْلِيفٌ فِي حَقِّكَ، وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَوَكَّلَ لَكَ فِيهِ أَنْ لَا تُدْخِلَ نَفْسَكَ فِي عَمَلٍ تُحْرَجُ بِسَبَبِهِ حَالًا وَمَآلًا.
وَقَدْ فَسَّرَ التَّبَتُّلَ بِأَنَّهُ الْإِخْلَاصُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ.
وَقَالَ قَتَادَةُ: " أَخْلِصْ لَهُ الْعِبَادَةَ وَالدَّعْوَةَ ".
فَعَلَى هَذَا؛ لَا مُتَعَلَّقَ فِيهَا لِمَوْرِدِ السُّؤَالِ.

1 / 436