الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
وَتَفْسِيرَ مَالِكٍ لَهُ، وَذَكَرَ أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ: " وَيَتْرُكْ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ " لَيْسَ بِالظَّاهِرِ أَنَّ تَرْكَ الْكَلَامِ مَعْصِيَةٌ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ نَذْرُ مَرْيَمَ.
قَالَ: " وَكَذَلِكَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْقِيَامُ لِلشَّمْسِ لَيْسَ مَعْصِيَةً؛ إِلَّا مَا يَتَعَلَّقُ مِنْ جِهَةِ تَعَبِ الْجِسْمِ وَالنَّفْسِ، وَقَدْ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَنْ لَا يَسْتَظِلَّ، فَإِنْ قِيلَ: فِيهِ مَعْصِيَةٌ؛ فَالْقِيَاسُ عَلَى مَا نُهِيَ عَنْهُ مِنَ التَّعَبِ لَا بِالنَّصِّ، وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّهُ مِنَ الْمُبَاحَاتِ ".
وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ فِي الْحَدِيثِ مَا قَالَ اسْتِنْبَاطًا مِنْهُ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ الْمُتَكَلَّمِ فِيهَا، وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَيْهَا، فَتَرْكُ الْكَلَامِ، وَإِنْ كَانَ فِي الشَّرَائِعِ الْأُولَى مَشْرُوعًا؛ فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ، فَهُوَ عَمَلٌ فِي مَشْرُوعٍ بِغَيْرِ مَشْرُوعٍ، وَكَذَلِكَ الْقِيَامُ فِي الشَّمْسِ زِيَادَةٌ مِنْ بَابِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وَإِنِ اسْتُحِبَّ فِي مَوْضِعٍ؛ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِحْبَابُهُ فِي آخَرَ.
[فَصْلٌ تَحْرِيمُ الْحَلَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُتَصَوُّرُ فِي أَوْجُهٍ]
فَصْلٌ
وَيَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مَسَائِلُ:
إِحْدَاهَا: أَنَّ تَحْرِيمَ الْحَلَالِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ يُتَصَوُّرُ فِي أَوْجُهٍ:
(الْأَوَّلُ): التَّحْرِيمُ الْحَقِيقِيُّ، وَهُوَ الْوَاقِعُ مِنَ الْكُفَّارِ؛ كَالْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِي، وَجَمِيعِ مَا ذَكَرَ اللَّهُ تَعَالَى تَحْرِيمَهُ عَنِ الْكَفَّارِ بِالرَّأْيِ الْمَحْضِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ﴾ [النحل: ١١٦]، وَمَا أَشْبَهَهُ مِنَ التَّحْرِيمِ
1 / 424