الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
قَالَ: " أَحْدَثْتُمْ قِيَامَ رَمَضَانَ، وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ "؛ إِنَّمَا مَعْنَاهُ مَا ذَكَرْنَاهُ، وَلِأَجْلِهِ قَالَ: " فَدُومُوا عَلَيْهِ "، وَلَوْ كَانَ بِدْعَةً عَلَى الْحَقِيقَةِ؛ لَنَهَى عَنْهُ.
وَمِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَجْرَيْنَا الْكَلَامَ عَلَى مَا نَهَى ﵇ عَنْهُ مِنَ التَّعَبُّدِ الْمُخَوِّفِ الْحَرَجَ فِي الْمَآلِ، وَاسْتَسْهَلْنَا وَضْعَ ذَلِكَ فِي قِسْمِ الْبِدَعِ الْإِضَافِيَّةِ؛ تَنْبِيهًا عَلَى وَجْهِهَا وَوَضْعِهَا فِي الشَّرْعِ مَوَاضِعَهَا، حَتَّى لَا يَغْتَرَّ بِهَا مُغْتَرٌّ، فَيَأْخُذَهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِهَا، وَيَحْتَجَّ بِهَا عَلَى الْعَمَلِ بِالْبِدْعَةِ الْحَقِيقِيَّةِ قِيَاسًا عَلَيْهَا، وَلَا يَدْرِي مَا عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا تَجَشَّمْنَا إِطْلَاقَ اللَّفْظِ هُنَا، وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُفْعَلَ لَوْلَا الضَّرُورَةُ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[فَصْلٌ تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ تَدَيُّنًا أَوْ شِبْهَ التَّدَيُّنِ]
فَصْلٌ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ - وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ﴾ [المائدة: ٨٧ - ٨٨].
رُوِيَ فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَخْبَارٌ جُمْلَتُهَا تَدُورُ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ؛ تَدَيُّنًا أَوْ شِبْهَ التَّدَيُّنِ، وَاللَّهُ نَهَى عَنْ ذَلِكَ، وَجَعَلَهُ اعْتِدَاءً، وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ، ثُمَّ قَرَّرَ الْإِبَاحَةَ تَقْرِيرًا زَائِدَةً عَلَى مَا تَقَرَّرَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا﴾ [المائدة: ٨٨]، ثُمَّ أَمَرَهُمْ بِالتَّقْوَى، وَذَلِكَ مُشْعِرٌ بِأَنَّ تَحْرِيمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ خَارِجٌ عَنْ دَرَجَةِ التَّقْوَى.
فَخَرَّجَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي قِلَابَةَ؛ قَالَ: «أَرَادَ نَاسٌ مِنْ
1 / 417