الاعتصام
الاعتصام للشاطبى موافق للمطبوع
ویرایشگر
سليم بن عيد الهلالي
ناشر
دار ابن عفان
شماره نسخه
الأولى
سال انتشار
١٤١٢هـ - ١٩٩٢م
محل انتشار
السعودية
الِالْتِزَامَ مَكْرُوهٌ ابْتِدَاءً، إِذْ هُوَ مُؤَدٍّ إِلَى أُمُورِ جَمِيعُهَا مَنْهِيٌّ عَنْهُ:
أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أَهْدَى فِي هَذَا الدِّينِ التَّسْهِيلَ وَالتَّيْسِيرَ، وَهَذَا الْمُلْتَزِمَ يُشْبِهُ مَنْ لَمْ يَقْبَلْ هَدِيَّتَهُ، وَذَلِكَ يُضَاهِي رَدَّهَا عَلَى مُهْدِيهَا، وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِالْمَمْلُوكِ مَعَ سَيِّدِهِ، فَكَيْفَ يَلِيقُ بِالْعَبْدِ مَعَ رَبِّهِ؟!
وَالثَّانِي: خَوْفُ التَّقْصِيرِ أَوِ الْعَجْزِ عَنِ الْقِيَامِ بِمَا هُوَ أَوْلَى وَآكَدُ فِي الشَّرْعِ.
«وَقَالَ ﷺ إِخْبَارًا عَنْ دَاوُدَ ﵇: إِنَّهُ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا»، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى؛ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُضْعِفْهُ الصِّيَامُ عَنْ لِقَاءٍ لِعَدُوٍّ فَيَفِرُّ وَيَتْرُكُ الْجِهَادَ فِي مَوَاطِنَ تُكَبِّدُهُ بِسَبَبِ ضَعْفِهِ.
وَقِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ﵁: إِنَّكَ لَتُقِلُّ الصَّوْمَ، فَقَالَ: " إِنَّهُ يَشْغَلُنِي عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ ".
وَلِذَلِكَ كَرِهَ مَالِكٌ إِحْيَاءَ اللَّيْلِ كُلِّهِ، وَقَالَ: " لَعَلَّهُ يُصْبِحُ مَغْلُوبًا، وَفِي رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أُسْوَةٌ "، ثُمَّ قَالَ: " لَا بَأْسَ بِهِ؛ مَا لَمْ يَضُرَّ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ ".
وَقَدْ جَاءَ فِي: صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يُكَفِّرُ سَنْتَيْنِ، ثُمَّ إِنَّ الْإِفْطَارَ فِيهِ لِلْحَاجِّ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ قُوَّةٌ عَلَى الْوُقُوفِ وَالدُّعَاءِ، وَلِابْنِ وَهْبٍ فِي ذَلِكَ حِكَايَةٌ.
وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ لِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِزُوَّارِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفَسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا»، فَإِذَا انْقَطَعَ إِلَى عِبَادَةٍ لَا تَلْزَمُهُ فِي الْأَصْلِ؛ فَرُبَّمَا
1 / 387